عن القرينة المانعة عن إرادة ما وضع له فلا يصح فرض المعترض إذ اللفظ لم يستعمل حينئذ في المعنى الموضوع له والغير الموضوع له معا وصرح بأن لهم في تعريف الكناية طريقين للمحقق التفتازاني في شرح المفتاح وأما ثانيا فبأنا نجعل البحث فيما يتناقضان وقامت القرينة المانعة فلا يمكن جعله من باب الكناية ويدفعه أنه إن أريد بقيام القرينة المانعة قيام ما يمنع عن إرادة المعنى الحقيقي منفردا ومجتمعا مع المعنى المجازي فهو خارج عن محل النزاع فإن النزاع في هذه المسألة مثل المسألة السابقة فيما يمكن إرادة المعنيين بالذات لا فيما لا يمكن أصلا وإن أريد كونها مانعة عن إرادة المعنى الحقيقي منفردا فهو لا ينافي كونه من باب الكناية فتأمل وقد يعترض أيضا بأن القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة في المجاز إنما تمنع عن إرادتها بتلك الإرادة بدلا عن المعنى المجازي واما بالنظر إلى إرادة آخري منضمة إليها فلا إذ المراد من إرادة المعنى الحقيقي والمجازي من اللفظ معا هو كون كل واحد منهما مرادا بإرادة على حدة بالاعتبارين وهذا الاعتراض مستفاد من كلام سلطان العلماء رحمه الله وفيه أن دخول المجاز في الإرادة حينئذ إنما هو من باب دخول الخاص في العام الأصولي على ما صرح هو رحمه الله به في حواشي المعالم وقال أنه هو المراد في المشترك أيضا ولا يخفى أن إرادة كل واحد من الافراد في ضمن العام ليس بإرادة ممتازة عن غيره بل المراد كل واحد منها بعنوان الكل الافرادي وليس هنا إرادتان متضامتان فيعود المحذور من لزوم اجتماع المتنافيين نعم له وجه إن أريد من البدلية إرادة هذا وهذا لا كل واحد كما هو التحقيق مع أن من الظاهر أن الاستعمال لا تعدد فيه وظاهر كلمات علماء البيان أن المجاز يستلزم قرينة معاندة لاستعمال اللفظ في المعنى الحقيقي فالاستعمال واحد وإنما هو لأجل الدلالة على المعنى والإرادة تابعة له واحتج من قال بالجواز بعدم تنافي إرادة الحقيقة والمجاز معا فإذا لم يكن هناك منافاة فلم يمتنع اجتماع الإرادتين عند المتكلم ويظهر جوابه مما تقدم ولعله نظر إلى إرادة وقد عرفت بطلانه وزاد من قال مع ذلك بكونه حقيقة ومجازا بأن اللفظ مستعمل في كل واحد من المعنيين فلكل واحد من الاستعمالين حكمه وفيه مع ما عرفت أن الاستعمال لا تعدد فيه مع أنه لو صح فإنما يتم على القول بكون اللفظ موضوعا للمعنى لا بشرط وقد عرفت بطلانه واحتج من قال بكونه مجازا بأن ذلك يستلزم سقوط قيد الوحدة المعتبرة في الموضوع له فيكون مجازا يعني أن المعنى الموضوع له هو المعنى الحقيقي وحده فإذا أريد كل واحد من المعنيين من اللفظ على سبيل الكل الافرادي كما هو محل النزاع فيستلزم ذلك إسقاط قيد الوحدة فيكون مجازا إلا أنه يراد به معنى ثالث يشمل المعنيين حتى يكون من باب عموم المجاز الذي لا نزاع فيه والجواب عن ذلك بعد بطلان
(٧٢)