سبيل المؤمنين غير مستقل بذلك حتى تنضم إلى مشاقة الرسول صلى الله عليه وآله فلا يتم الاستدلال و التمسك بأصالة الاستقلال في كل منهما وإن الأصل عدم انضمام كل منهما إلى الاخر باطل لفهم العرف الانضمام في مثل قولك من دخل الدار وجلس فله درهم مع أن القيد المعتبر في المعطوف عليه وهو تبين الهدى معتبر في المعطوف والهدى في المعطوف هو دليل الاجماع (فثم)؟ يثبت حجيته وأيضا سبيل المؤمنين ليس على حقيقته ومن أقرب مجازاته دليلهم وهو مستند الاجماع لا نفسه هذا جملة مما ذكروه في هذا المقام وقد أطنب الأصحاب في هذا المقام بما لا حاجة إلى إيرادها والأوجه أن يقال المراد بسبيل المؤمنين الايمان وهو ما صاروا به مؤمنين ويرد عليها أيضا أن مفهوم اتباع غير سبيل المؤمنين عدم اتباع الغير لا اتباع سبيل المؤمنين فلا يلزم تهديد ووعيد على تارك المتابعة رأسا لا يقال أن ترك المتابعة رأسا هو متابعة غير سبيل المؤمنين لأنا نقول المتابعة أمر وجودي يحصل بحصول المتبوع والمفروض انتفائه ومنها قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس فإن وسط كل شئ عدله وخياره في اللغة فمن عدله الله تعالى يكون معصوما عن الخطأ فقولهم حجة ففيه أن ذلك يستلزم عدم صدور الخطأ عنهم مطلقا وهو باطل وما يقال ان ذلك إذا اجتمعوا لا مطلقا ففيه أن تقييد بلا دليل وتخصيص قبيح مع أن التعليل بقوله تعالى لتكونوا شهداء على الناس ظاهر في كون كل منهم شاهدا لا المجموع من حيث المجموع فكذلك الأمة مع أن المراد إما الشهادة في الآخرة كما ورد في الاخبار فهو إنما يستلزم العدالة عند الأداء لا التحمل فلا يجب عصمتهم في الدنيا وأما في الدنيا فهو إنما يدل على قبول شهادتهم وهو لا يستلزم حجية فتواهم فالآية متشابهة الدلالة فالأولى أن يقال المراد بهم أئمتنا عليهم السلام كما روي في تفسيرها ومنها قوله تعالى فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول فإن مفهومه عدم وجوب الرد مع الاتفاق وفيه أن عدم وجوب الرد حينئذ أعم من أن يكون وجواز العمل لكون إجماعهم حجة بل إنما كان من أجل أن عند كل منهم ما يكفيهم من الدليل على مطلبه من عقل أو نقل مع أن عموم الجمع في قوله تنازعتم وردوا افرادي لا مجموعي كما لا يخفى وسيجئ أن بعض العامة استدل بهذه الآية على عدم حجية الاجماع وأما الاخبار فمنها ما ادعوا تواتر مضمونها معنى وأظهرها دلالة وهو قوله صلى الله عليه وآله لا تجتمع أمتي على الخطأ وفي لفظ آخر لم يكن الله ليجمع أمتي على خطأ ومنها قوله صلى الله عليه وآله كونوا مع الجماعة و يد الله على الجماعة ونحو ذلك وفيه أولا منع صحتها وتواترها بل هي أخبار آحاد لا يمكن التمسك بها في إثبات مثل هذا الأصل الذي بنوا دينهم عليه فضلا عن فقههم ولم يثبت دلالتها على القدر
(٣٦١)