النجاسات وبعض المياه الخاصة كالكلب والماء الذي ولغ فيه في الاناء وكل من يستدل على الطهارة يستدل ببعض آخر مختص ببعض النجاسات وبعض المياه كالجزر الميتة والقربة من الماء مع أن في الخبر الأول فهم النجاسة من الامر بالصب أو النهي عن الوضوء ومن الثاني من جهة الامر بالتوضي ولا ريب أن الصب لا يدل على النجاسة وكذا النهي عن التوضي ومع ذلك لم يفصلوا بالعمل بالروايتين ولم يبقوهما على حالهما مع عدم التعارض بينهما وليس ذلك إلا الاجماع المركب وعدم القول بالفرق بين المسئلتين وليت شعري من ينكر حجية الاجماع أو إمكان وقوعه أو العلم به بأي شئ يعتمد في هذه المسائل فإن كان يقول إفهم كذا من اللفظ فمع أنه مكابرة واقتراح وخروج عن اللغة والعرف فلم لا يفهم فيما لو أمر الشارع بالجهر في الصلاة للرجل وجوبه على المرأة ويفهم من قوله إغسل ثوبك دون قوله اغسلي وجوبه عليها وبالجملة لو أردنا شرح هذه المقامات وإيراد ما ليس فيها مناص عن الاحتجاج بالاجماع بسيطا أو مركبا لكنا ارتكبنا بيان المعسور أو المحال وفيما ذكرنا كفاية لمن كان له دراية ومن لا دراية له لا يفيده ألف حكاية ثم لا بأس أن نجدد المقال في توضيح الحال لرفع الاشكال ونقول كل طريقة أحدثها نبي فبعضها مما يعلم به البلوى ويحتاج إليه الناس في كل يوم أو في أغلب الأوان كنجاسة البول والغايط ووجوب الصلوات الخمس وأمثال ذلك فذلك بسبب كثرة تكرره وكثرة التسامع والتضافر بين أهل هذا الدين والملة يصير ضروريا يحصل العلم به لكل منهم ولكل من كان خارج هذه الملة إذا دخل فيهم وعاشرهم يوما أو يومين أو أزيد فيحصل له العلم بأن الطريقة من رئيسهم والعمدة فيه ملاحظتهم متلقين ذلك بالقبول من دون منكر في ذلك ومخالف لهم أن منكر لا يعتد به لندرته أو ظهور نفاقه وعناده فهذا يسمى بديهي الدين ودون ذلك بعض المسائل الغير العامة البلوى التي لا يحتاج إليها جميعهم ولكن علماء هذه الأمة وأرباب إفهامهم المترددين عند ذلك النبي صلى الله عليه وآله و الرئيس الذين هم الواسطة بينهم وبينه غالبا يتداولون هذه المسألة بينهم لأجل ضبط المسائل أو لرجوع من يحتاج في هذه المسائل إلى الرجوع بهم فيحصل من الاطلاع على اتفاقهم في هذه المسألة وتسامعهم بينهم من دون إنكار من أحدهم على الاخر العلم بأنه طريقة رئيسهم فكما في البديهي ليس وجه حصول اليقين إلا التسامع والتضافر بدون إنكار المنكر مع ملاحظة اقتضاء العادة ذكر المخالفة لو كان هناك مخالف فكذلك في الاجماعي الوجه هو ملاحظة تسامع العلماء وتضافرهم و اتفاقهم في الفتوى مع كون العادة قاضية بذكر الخلاف لو كان فوجود المخالف لو فرض في عصر
(٣٥٧)