ولكن لا ينفى صدوره عن الخلق ويظهر الكلام في الباقي مما مر وأما الأدلة العقلية التي أقاموها على ذلك فأقواها أن العلماء أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف للاجماع فدل على أنه حجة فإن العادة تحكم بأن هذا العدد الكثير من العلماء المحققين لا يجتمعون على القطع في شرعي بمجرد تواطئ وظن بل لا يكون قطعهم إلا عن قاطع فوجب الحكم بوجود نص قاطع بلغهم في ذلك فيكون مقتضاه و هو خطأ المخالف للاجماع حقا وهو يقتضي حقية ما عليه الاجماع وهو المطلوب وأجيب أولا بالنقض بإجماع الفلاسفة على قدم العالم وإجماع اليهود على أن لا نبي بعد موسى عليه السلام وأمثال ذلك ورد بأن إجماع الفلاسفة عن نظر عقلي وتعارض الشبه واشتباه الصحيح والفاسد فيه كثير وأما في الشرعيات فالفرق بين القاطع والظني بين لا يشتبه على أهل المعرفة والتمييز وإجماع اليهود والنصارى عن الاتباع لآحاد الأوائل لعدم تحقيقهم والعادة لا تحيله بخلاف ما ذكرنا وبالجملة فإنما يرد نقضا إذا وجد فيه ما ذكرنا من القيود وانتفائه ظاهر وقد يعترض بأنه لا حاجة في هذا الاستدلال إلى توسيط الاجماع على تخطئة المخالف لأنه لو صح لاستلزم وجود قاطع في كل حكم وقع الاجماع عليه ويجاب بأن كل المجمعين ليسوا بقاطعين على خطأ مخالفيهم بل ربما يكون كل حكم منهم ظنيا مستندا إلى إمارة لكن يحصل لنا القطع بالحكم من اتفاق الكل ولذلك قال في الاستدلال أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف ولم يقل على تخطئة المخالف واعترض عليه أيضا بأنه مستلزم للدور لأنه إثبات للاجماع بالاجماع ورد بأن وجود الاجماع الخاص دليل على حجية الاجماع لاستلزامه ثبوت أمر قطعي يدل عليها كما مر فحجية الاجماع موقوفة على وجود هذا الاجماع الخاص ووجود هذا الاجماع الخاص لا يتوقف على حجية مطلق الاجماع وكذا دلالته على وجود قاطع يدل عليها لا تتوقف على حجية مطلق الاجماع هكذا قرروا الدليل والاعتراضات وأقول إن كان مراد المخالفين من حجية الاجماع هو حجيته من حيث هو إجماع كما هو لازم طريقتهم بل هو صريح أكثرهم فلا يتم الاستدلال لان مرادهم إن من العلماء المجمعين على القطع بتخطئة مخالف الاجماع علماء الإمامية أيضا ومن الاجماع الذي يخطأ مخالفه ما اشتمل على الامام المعصوم عليه السلام فلا ريب في حقية ما ذكروه ولكن ذلك لا يثبت حجية الاجماع من حيث هو فلا ينفعهم إلا فإن لم يعلم دخول المعصوم عليه السلام أو علم خروجه عن الاجماع الذي يخطأ مخالفة فلا نسلم إجماع جميع العلماء حتى الامامية على القطع بتخطئة المخالف وبدونه نمنع حكم العادة على ما ذكروه ولو فرض موافقة الامامية على القطع بتخطئة المخالف وإن لم يعلم دخول المعصوم عليه السلام فيهم فحينئذ نقول إن كان موافقة
(٣٦٥)