التداول في مبحث المجمل والمبين ولم يحتملوا إرادة نفي الحقيقة والذات إلا على تقدير هذا القول الضعيف وذلك ليس لان الأصل الحمل على الحقيق بل الأصل هنا خلافه بل لان دعوى كون هذه الألفاظ أسامي للصحيحة صارت قرينة لحمل هذه العبادة على مقتضى الحقيقة القديمة التي هي الموضوع له لكلمة لا فقالوا بأن حملها على نفي الذات حينئذ ممكن فحينئذ نقول حمل هذه العبارة على نفي الذات مع كونها ظاهرة في نفي صفة من صفاتها إنما يمكن إذا ثبت كون الصلاة اسما للصحيحة وإلا فهي منساقة بسياق نظائرها سيما مثل قوله عليه السلام لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد فإذا أردنا إثبات كون الصلاة اسما للصحيحة بسبب مقتضى الحقيقة القديمة فذلك يوجب الدور إلا أن يكون مراد المستدل أن أصالة الحقيقة يقتضي ذلك خرجنا عن مقتضاه في غيرها بالدليل وبقي الباقي فبهذا نقول أن مثل قوله عليه السلام لا صلاة إلا بطهور مما كان الفعل المنفي عبادة خارج عن سياق النظائر وباق على مقتضى الأصل فلا ريب أن ذلك خلاف الانصاف فإن هذه في جنب الباقي ليست الا كشعرة سوداء في بقرة بيضاء ولذلك لم يتمسك أحد من العلماء الفحول في ذلك المبحث لاثبات نفي الاجمال بأصالة الحقيقة و تمسكوا بالقول بكونها موضوعة للصحيحة من العبادات والانصاف أن كون هذه منساقة بسياق النظائر من الأدلة على كون العبادات أسامي للأعم فهو على ذلك أدل مما أراده المستدل وأيضا نقول بعد التسليم أن هذا إنما يدل على أن الصلاة التي لا طهور لها ولا فاتحة فها ليست بصلاة ولا يدل على أن الصلاة اسم للصحيحة كما لا يخفى إذ لو حصل الفاتحة والطهور للصلاة وشككنا أن السورة أيضا واجبة مع الفاتحة أم لا فهذا الحديث لا ينفي كون الصلاة الخالية عنها صلاة ولا يدل على أن الصلاة اسم لكل ما جامع جميع الشرائط ثم اعلم أن الشهيد رحمه الله قال في قواعد الماهيات الجعلية كالصلاة والصوم وسائر العقود ولا يطلق على الفاسد إلا الحج لوجوب المضي فيه فلو خلف على ترك الصلاة أو الصوم اكتفى بمسمى الصحة وهو الدخول فيها فلو أفسدها بعد ذلك لم يزل الحنث ويحتمل عدمه لأنه لا يسمى صلاة شرعا ولا صوما مع الفساد وأما لو تحرم في الصلاة أو دخل في الصوم مع مانع من الدخول لم يحنث قطعا إنتهى والظاهر أن مراده اكتفى بمسمى الصحة في الحنث يعني لو حلف على ترك الصلاة مثلا في مكان مكروه يحصل الحنث بمجرد الدخول وأقول يظهر من قوله رحمه الله إلا الحج لوجوب المضي فيه أن كلامهم في الأوامر والمطلوبات الشرعية إن مرادهم أن الفاسد لا يكون مطلوبا له إلا في الحج فإنه يجب المضي في فاسده لا في مطلق التسمية والاصطلاح ولو لأغراض أخر مثل كونها علامة للاسلام وموجبا لجواز أكل الذبيحة بمجرد ذلك حيث قلنا بذلك ونحو ذلك
(٤٧)