فيه كما صرح به جماعة من المحققين وأما مثل لفظ الوجوب والسنة والكراهة ونحو ذلك فثبوت الحقيقة فيها في كلامهما عليهما السلام ومن بعدهما أيضا محل تأمل فلابد للفقيه من التتبع والتحري ولا يقتصر ولا يقلد ثم أن ما ذكرناه من الوجهين في كيفية صيرورتها حقيقة فالأول منهما في غاية البعد بل الظاهر هو الوجه الثاني وعليه فلا تحصل الثمرة إلا فيما علم أنه صدر بعد الاشتهار في هذه المعاني إلى أن استغنى عن القرينة فإن علم أنه كان بعده فيحمل على الحقيقة وإلا فيمكن صدوره قبله وحينئذ فيمكن إرادة المعاني الجديدة واختفى القرينة ويمكن إرادة المعنى اللغوي والأصل عدمها فيحمل على اللغوي وهذا أقرب فليرجع إلى التفصيل الذي ذكرنا وليتأمل وليتتبع لئلا يختلط الامر والله الهادي ثم اعلم أنه قد نسب إلى بعض المنكرين للحقيقة الشرعية القول بأن الشارع لم يستعمل تلك الألفاظ في المعاني المخترعة بل يقول أنه استعملها في المعاني اللغوية والزوايد شروط لصحة العبادة فالصلاة مثلا مستعملة في الدعاء وكونه مقترنا بالركعات شرط لصحة الدعاء والشرط خارج عن المشروط وكذلك الغسل هو غسل مشروط بزوايد وهكذا فلا نقل عنده ولا حقيقة جديدة ورد بأنه يلزم أن لا يكون المصلي مصليا إذا لم يكن داعيا فيها كالأخرس أو لم يكن متبعا كالمنفرد وهو باطل ويلزم هذا القائل نفي التركيب والماهيات المخترعة عند الشارع ويظهر الثمرة في إمكان جريان أصل العدم في إثبات الاجزاء والشرائط وعدمه وبيان ذلك أنه لا خلاف ولا ريب في كون الأحكام الشرعية توقيفية لا بد أن يتلقى من الشارع وأما موضوعات الاحكام فإن كان من قبيل المعاملات فيرجع فيها إلى العرف واللغة وأهل الخبرة كالبيع والأرش ونحوهما وكذلك كل لفظ يستعمل في كلام الشارع لإفادة الحكم أو لإفادة بيان ماهية العبادة كالغسل بفتح الغين والمسح ونحوهما وإن كان من قبيل العبادات كالصلاة والغسل ونحوهما فهو أيضا كنفس الاحكام فإنها حقايق محدثة من الشارع لا يعلمها إلا هو وأما هذا القائل فيرجع فيها أيضا إلى اللغة والعرف كالمعاملات لأنه لم يقل بكونها منقولات غاية الامر أن يقارنها بما يثبت عنده من الشرايط فإن قلنا بجعل الماهيات الجديدة من جانب الشارع وإحداثها فيصير العبادات من باب مركب ذي أجزاء ينتفي بانتفاء أحد أجزائه فلا بد في حصول الامتثال به من حصول العلم بجميع أجزائه وشرائطه فإذا شك في كون شئ جزء له أو شرطا له فلا يمكن القول بأن الأصل عدم المدخلية للزوم العلم بالاتيان بالماهية المعينة ولا يكفي في ذلك عدم العلم بعدم الاتيان وأما على القول بعدم تركيب جديد فالمكلف به هو المعنى اللغوي ولا تأمل فيه والباقي أمور خارجة عنه يمكن نفي ما شك في ثبوته من الشرائط الخارجة بأصل العدم كالمعاملات وإما بناء دفع كلام هذا القائل بالبناء على
(٣٩)