الاصطلاح فما يقال من أن قولنا إن قبضت في المجلس يصح الصرف هو عبارة أخرى عن قولنا شرط صحة الصرف القبض في المجلس والفرق هو الاسمية والحرفية كالفرق بين من وإلى والابتداء و الانتهاء إن أريد به الشرط الأصولي كما هو الظاهر فلا يتم إذ قد بينا أن الظاهر من الجملة الشرطية على تقدير الحجية وفهم انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط هو السببية كائنا ما كان فكيف يصير مساوقا للشرط الأصولي فحاصل قولنا مفهوم الشرط حجة أن مفهوم الجلمة الشرطية سببية الأولى للثانية وإلا لزم التناقض وإن أريد به معنى آخر مثل أن يقال المراد بالشرط هو ما علق على انتفائه انتفاء شئ أخر وتوقف وجود الآخر عليه ليشمل السبب أيضا وإن الجملة الشرطية أيضا تفيد هذا المعنى فهذا وإن كان أوجه من سابقه لكنه أيضا لا يتم لان الجملة الشرطية أخص من هذا إذ لا تفيد إلا السببية الثالث ما يكون شرطا لصدور الحكم على القائل لا لثبوته في نفس الامر مثل إن نزل الثلج فالزمان شتاء فإنه قد لا ينزل الثلج في الشتاء الثالثة قد أشرنا أن محل النزاع هو الجملة الواقعة عقيب إن وأخواتها فالظاهر أنه لا فرق بين أدوات الشرط وما دل على التعليق صريحا أو تضمنا فالأسماء المتضمنة معنى الشرط كالحروف مثل قوله تعالى فمن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات فمما ملكت أيمانكم وموثقة ابن بكير ناطقة بحجية مفهومها بالخصوص إذا تمهد ذلك فنقول ذهب الأكثرون إلى أن تعليق الحكم على شئ بكلمة إن وأخواتها يدل على انتفاء الحكم عند انتفائه وذهب جماعة إلى العدم والأول أقرب لنا أن المتبادر من قولنا إن جائك زيد فأكرمه إن لم يجئك فلا يجب عليك إكرامه لا لا تكرمه فلا توهم وهو علامة الحقيقة فإذا ثبت التبادر في العرف ثبت في الشرع واللغة لأصالة عدم النقل وأما ما قيل معناه في العرف الشرط في إكرامك إياه مجيئه إياك فليس على ما ينبغي وكذا ما ذكره العلامة رحمه الله في التهذيب حيث قال الامر المعلق بكلمة إن يعدم عند عدم الشرط لأنه ليس علة لوجوده ولا مستلزما له فلو لم يستلزم العدم العدم خرج عن كونه شرطا ويؤدي مؤداه كلام غيره أيضا وهذان الكلامان مبنيان على الخلط بين اصطلاح النحاة واصطلاح الأصوليين في الشرط وقد عرفت أن المتبادر هو السببية ظاهرا وإن كان مدخول ان بالذات شرطا مع قطع النظر عن دخول إن فهذان الكلامان ناظران إلى اعتبار لفظ الشرط والغفلة عن أن الشرط معناه في الأصول هو ما ذكره لا مطلقا ونحن لما أثبتنا التبادر لهذه الهيئة التركيبية فنقول سائر الاستعمالات التي ذكرت كلها مجازات لتبادر غيرها ولأنه خير من الاشتراك فما يقال من أنها مستعملة في جميع هذه المعاني والاشتراك والمجاز كلاهما
(١٧٥)