فبينة. وأما انتفاء اللازم فظاهر بالنسبة إلى المطابقة والتضمن، إذ نفي الحكم عن غير محل الوصف ليس عين إثباته فيه ولا جزءه، ولأنه لو كان كذلك، لكانت الدلالة بالمنطوق لا بالمفهوم، والخصم معترف بفساده (1). وأما بالنسبة إلى الالتزام، فلانه لا ملازمة في الذهن ولا في العرف، بين ثبوت الحكم عند صفة، كوجوب الزكاة في السائمة مثلا، وانتفائه عند أخرى، كعدم وجوبها في المعلوفة.
احتجوا: بأنه، لو ثبت الحكم مع انتفاء الصفة، لعرى تعليقه عليها عن الفائدة، وجرى مجرى قولك: " الانسان الأبيض لا يعلم الغيوب، والأسود إذا نام لا يبصر ".
والجواب: المنع من الملازمة، فان الفائدة غير منحصرة فيما ذكرتموه، بل هي كثيرة:
منها شدة الاهتمام ببيان حكم محل الوصف، إما لاحتياج السامع إلى بيانه، كأنه يكون مالكا للسائمة مثلا دون غيرها، أو لدفع توهم عدم تناول الحكم له، كما في قوله تعالى: " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق " (2)، فإنه لولا التصريح بالخشية لأمكن أن يتوهم جواز القتل معها، فدل بذكرها على ثبوت التحريم عندها أيضا.
ومنها أن تكون المصلحة مقتضية لاعلامه حكم الصفة بالنص وما عداها بالبحث والفحص.
ومنها وقوع السؤال عن محل الوصف دون غيره (3)، فيجاب على طبقه، أو تقدم بيان حكم الغير لنحو هذا من قبل.
واعترض: بأن الخصم إنما يقول باقتضاء التخصيص بالوصف نفي الحكم عن غير محله، إذا لم يظهر للتخصيص فائدة سواه، فحيث (4) يتحقق ما ذكرتموه من الفوائد، لا يبقى من محل النزاع في شئ.