بين العزم، بل ظاهره ينفي التخيير، ضرورة كونه دالا على وجوب الفعل بعينه.
ولم يقم على وجوب العزم دليل غيره، فيكون القول به أيضا تحكما، كتخصيص الوجوب بجزء معين.
احتجوا لوجوب العزم: بأنه لو جاز ترك الفعل في أول الوقت أو وسطه، من غير بدل، لم ينفصل عن المندوب، فلابد من إيجاب البدل ليحصل التمييز بينهما.
وحيث يجب، فليس هو غير العزم، للاجماع على عدم بدلية غيره. وبأنه ثبت في الفعل والعزم حكم خصال الكفارة، وهو أنه لو أتى بأحدهما أجزأ، ولو أخل بهما عصى، وذلك معنى وجوب أحدهما، فيثبت.
والجواب عن الأول: أن الانفصال عن المندوب ظاهر مما مر، فإن أجزاء الوقت في الواجب الموسع باعتبار تعلق الامر بكل واحد منها على سبيل التخيير تجري مجرى (1) الواجب المخير. ففي أي جزء اتفق إيقاع الفعل فهو قائم مقام إيقاعه في الاجزاء البواقي. فكما أن حصول الامتثال في المخير بفعل واحدة من الخصال لا يخرج ما عداها عن وصف الوجوب التخييري، كذلك إيقاع الفعل في الجزء الأوسط أو الأخير من الوقت في الموسع لا يخرج (2) إيقاعه في الأول منه مثلا عن وصف الوجوب الموسع، وذلك ظاهر. بخلاف المندوب، فإنه لا يقوم مقامه حيث يترك شئ. وهذا كاف في الانفصال.
وعن الثاني: أنا (3) نقطع بأن الفاعل للصلاة مثلا ممتثل باعتبار كونها صلاة بخصوصها، لا لكونها أحد الامرين الواجبين تخييرا، أعني: الفعل والعزم، فلو كان ثمة تخيير بينهما، لكان الامتثال بها من حيث إنها أحدهما، على ما هو مقرر (4) في الواجب التخييري. وأيضا، فالاثم الحاصل على الاخلال بالعزم - على تقدير تسليمه - ليس لكون المكلف مخيرا بينه وبين الصلاة، حتى يكونا كخصال الكفارة، بل لان العزم (5) على فعل كل واجب - إجمالا، حيث يكون الالتفات إليه