وأجيب عنه: بأن التثنية والجمع إنما يفيدان تعدد المعنى المستفاد من المفرد.
فان أفاد المفرد التعدد، أفاداه، وإلا، فلا.
وفيه نظر يعلم مما قلناه في حجة ما اخترناه.
والحق أن يقال: إن هذا الدليل إنما يقتضى نفي كون الاستعمال المذكور بالنسبة إلى المفرد حقيقة، وأما نفي صحته مجازا حيث توجد العلاقة (1) المجوزة له، فلا.
واحتج من خص الجواز بالنفي: بأن النفي يفيد العموم فيتعدد، بخلاف الاثبات.
وجوابه: أن النفي إنما هو للمعنى المستفاد عند الاثبات، فإذا لم يكن متعددا فمن أين يجئ التعدد في النفي؟
حجة مجوزيه حقيقة: أن ما وضع له اللفظ واستعمل فيه هو كل من المعنيين، لا بشرط أن يكون وحده، ولا بشرط كونه مع غيره، على ما هو شأن الماهية لا بشرط شئ، وهو متحقق في حال الانفراد عن الآخر والاجتماع معه فيكون حقيقة في كل منهما.
والجواب: أن الوحدة تتبادر من المفرد عند إطلاقه، وذلك آية الحقيقة.
وحينئذ، فالمعنى الموضوع له فيه ليس هو الماهية لا بشرط شئ، بل هي بشرط شئ. وأما فيما عداه فالمدعى حق، كما أسفلناه.
وحجة من زعم أنه ظاهر في الجميع عند التجرد عن القرائن، قوله تعالى:
" ألم تر ان الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس " (2). فان السجود من الناس وضع الجبهة على الأرض، ومن غيرهم أمر مخالف لذلك قطعا. وقوله:
" إن الله وملائكته يصلون على النبي " (3). فان الصلاة من الله: المغفرة،