ولنا على كونه حقيقة في التثنية والجمع: أنهما في قوة تكرير المفرد بالعطف.
والظاهر: اعتبار الاتفاق في اللفظ دون المعنى في المفردات، ألا ترى أنه يقال:
زيدان وزيدون، وما أشبه هذا مع كون المعنى في الآحاد مختلفا. وتأويل بعضهم له بالمسمى تعسف بعيد. وحينئذ، فكما أنه يجوز إرادة المعاني المتعددة من الألفاظ المفردة المتحدة المتعاطفة، على أن يكون كل واحد منها مستعملا في معنى بطريق الحقيقة، فكذا ما هو في قوته.
احتج المانع مطلقا، بأنه لو جاز استعماله فيهما معا، لكان ذلك بطريق الحقيقة، إذ المفروض: أنه موضوع لكل من المعنيين، وأن الاستعمال في كل منهما (1) بطريق الحقيقة. وإذا كان بطريق الحقيقة، يلزم كونه مريدا لأحدهما خاصة، غير مريد له خاصة، وهو محال.
بيان الملازمة: أن له حينئذ ثلاثة معان: هذا وحده، وهذا وحده، وهما معا، وقد فرض استعماله في جميع معانيه، فيكون مريدا لهذا وحده، ولهذا وحده، ولهما معا. وكونه مريدا لهما معا معناه: أن لا يريد هذا وحده، وهذا وحده. فيلزم من إرادته لهما على سبيل البدلية، الاكتفاء بكل واحد منهما، وكونهما مرادين على الانفراد، ومن إرادة المجموع معا عدم الاكتفاء بأحدهما، وكونهما مرادين على الاجتماع. وهو ما ذكرنا من اللازم.
والجواب: أنه مناقشة لفظية، إذ المراد نفس المدلولين معا، لابقائه لكل واحد منفردا. وغاية ما يمكن حينئذ أن يقال: إن مفهومي المشترك هما منفردين، فإذا استعمل في المجموع، لم يكن مستعملا في مفهوميه، فيرجع البحث إلى تسمية ذلك استعمالا له (2) في مفهوميه، لا إلى إبطال أصل الاستعمال. وذلك قليل الجدوى.
واحتج من خص المنع بالمفرد: بأن التثنية والجمع متعددان في التقدير، فجاز تعدد مدلوليهما، بخلاف المفرد.