والثاني لا يفيد العلم. على أن العادة تقضي (1) في مثله بالتواتر.
الوجه (2) الثاني: أنها لو كانت حقائق شرعية لكانت غير عربية، واللازم باطل، فالملزوم مثله. بيان الملازمة: أن اختصاص الألفاظ باللغات إنما هو بحسب دلالتها بالوضع فيها. والعرب لم يضعوها، لأنه المفروض، فلا تكون (3) عربية. وأما بطلان اللازم، فلانه يلزم أن لا يكون القرآن عربيا، لاشتماله عليها. وما بعضه خاصة عربي لا يكون عربيا كله. وقد قال الله سبحانه:
" إنا أنزلناه قرآنا عربيا " (4).
وأجيب عن الأول: بأن فهمها لهم ولنا باعتبار الترديد بالقرائن، كالأطفال يتعلمون اللغات من غير أن يصرح لهم بوضع اللفظ للمعنى، إذ هو ممتنع بالنسبة إلى من لا يعلم شيئا من الألفاظ. وهذا طريق قطعي لا ينكر.
فان عنيتم بالتفهيم وبالنقل: ما يتناول هذا، منعنا بطلان اللازم، وإن عنيتم به:
التصريح بوضع اللفظ للمعنى (5)، منعنا الملازمة.
وعن الثاني: بالمنع من كونها غير عربية. كيف، وقد جعلها الشارع حقائق شرعية في تلك المعاني مجازات لغوية في المعنى اللغوي، فإن المجازات الحادثة عربية، وإن لم يصرح العرب بآحادها، لدلالة الاستقراء على تجويزهم نوعها.
ومع التنزل، نمنع كون القرآن كله عربيا، والضمير في " إنا أنزلناه " للسورة، لا للقرآن، وقد يطلق " القرآن " على السورة وعلى الآية.
فان قيل: يصدق على كل سورة وآية أنها بعض القرآن، وبعض الشئ لا يصدق عليه أنه نفس ذلك الشئ.
قلنا: هذا إنما يكون فيما لم يشارك البعض الكل في مفهوم الاسم، كالعشرة، فإنها اسم لمجموع الآحاد المخصوصة (6)، فلا يصدق على البعض، بخلاف نحو الماء،