[غير] معانيها، لمناسبة المعنى اللغوي، ولم يكن ذلك معهودا من أهل اللغة، ثم اشتهر، فأفاد بغير قرينة، فذلك معنى الحقيقة الشرعية، وقد ثبت المدعى، وإن أريد بالمجازية: أن أهل اللغة استعملوها في هذه المعاني والشارع تبعهم فيه، فهو خلاف الظاهر، لأنها معان حدثت، ولم يكن أهل اللغة يعرفونها، واستعمال اللفظ في المعنى فرع معرفته.
وثانيهما: أن هذه المعاني تفهم (1) من الألفاظ عند الاطلاق بغير قرينة. ولو كانت مجازات لغوية، لما فهمت إلا بالقرينة.
وفي كلا هذين الوجهين مع أصل الحجة بحث.
أما في الحجة، فلان دعوى كونها أسماء لمعانيها الشرعية لسبقها منها إلى الفهم عند إطلاقها، إن كانت بالنسبة إلى إطلاق الشارع فهي ممنوعة. وإن كانت بالنظر إلى اطلاق أهل الشرع فالذي يلزم حينئذ هو كونها حقائق عرفية لهم، لا حقايق شرعية.
وأما في الوجه الأول (2)، فلان قوله: " فذلك معنى الحقيقة الشرعية " ممنوع، إذ الاشتهار والإفادة بغير قرينة إنما هو في عرف أهل الشرع، لا في إطلاق الشارع.
فهي حينئذ حقيقة عرفية لهم، لا شرعية.
وأما في الوجه الثاني، فلما أوردناه على الحجة، من أن السبق إلى الفهم بغير قرينة إنما هو بالنسبة إلى المتشرعة لا إلى الشارع.
حجة النافين وجهان.
الأول: أنه لو ثبت نقل الشارع هذه الألفاظ إلى غير معانيها اللغوية، لفهمها المخاطبين بها، حيث إنهم مكلفون (3) بما تتضمنه (4). ولا ريب أن الفهم شرط التكليف. ولو فهمهم إياها، لنقل ذلك إلينا، لمشاركتنا لهم في التكليف. ولو نقل، فإما بالتواتر، أو بالآحاد. والأول لم يوجد قطعا، وإلا لما وقع الخلاف فيه.