فيه: أن لجواز الرواية بالإجازة معنيين وقع الخلاف من بعض أهل الخلاف في كل منهما.
أحدهما: قبول الحديث والعمل به ونقله من المجاز له إلى غيره بلفظ يدل على الواقع، " كأخبرني إجازة " ونحوه. والقول بنفيه في غاية السقوط، لان الإجازة في العرف إخبار إجمالي بأمور مضبوطة معلومة مأمون عليها من الغلط والتصحيف ونحوهما. وما هذا شأنه لا وجه للتوقف في قبوله. والتعبير عنه بلفظ " أخبرني " وما في معناه مقيدا بقوله: " إجازة " تجوز (1) مع القرينة، فلا مانع منه.
ومثله آت في القراءة على الراوي، لان الاعتراف إخبار إجمالي، ولم يلتفتوا إلى الخلاف في قبوله، وإنما ذكر بعضهم: أن قبوله موضع وفاق، وإن خالف (2) فيه من لا يعتد به.
ثم إن جمعا من الناس أجازوا في صورة الاعتراف أن يقول الراوي:
" أخبرني " و " حدثني " ونحوهما من غير تقييد بقوله: " قراءة عليه (3) " ونحوه.
والباقون على جوازه، مقيدا بما ذكر، إلا المرتضى - رضي الله عنه -، فإنه منع من استعمال هذه الألفاظ ونحوها فيه، وإن كانت مقيدة، (4) حيث قال (5): " فأما قول بعضهم: - يجب أن يقول: " حدثني قراءة عليه " حتى يزول الابهام ويعلم أن لفظة " حدثني " ليست على ظاهرها - فمناقضة لان قوله: " حدثني " يقتضي أنه سمعه من لفظه وأدرك نطقه به، وقوله: قراءة عليه يقتضي نقيض (6) ذلك، فكأنه نفى ما أثبت ".
وهذا من السيد - رحمه الله - في غاية الغرابة، فإنه سد لباب المجاز، إذ ما من (7) مجاز إلا ومعه قرينة تعاند الحقيقة وتناقضها: وإذا كان معنى " حدثني " ما