الظهار والملك حكمين مختلفين لتوقف الاعتاق على الملك، وإما أن لا يختلف، نحو: " أكرم هاشميا "، " أكرم هاشميا عارفا ". وحينئذ فإما أن يتحد (1) موجبهما، أو يختلف. فان اتحد فاما أن يكونا مثبتين أو منفيين. فهذه أقسام ثلاثة.
الأول: أن يتحد موجبهما مثبتين، مثل: " إن ظاهرت فأعتق رقبة "، " إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة ". فيحمل المطلق على المقيد إجماعا. نقله في النهاية (2). و يكون المقيد بيانا للمطلق، لا نسخا له، تقدم عليه أو تأخر عنه. وقيل: نسخ له إن تأخر المقيد، فههنا مقامان: حمل المطلق على المقيد، وكونه بيانا، لا نسخا.
أما أنه يحمل المطلق على المقيد، فلانه جمع بين الدليلين، لان العمل بالمقيد يلزم منه العمل بالمطلق، والعمل بالمطلق لا يلزم منه العمل بالمقيد، لصدقه مع غير ذلك المقيد. وبهذا استدل القوم. وهو جيد، حيث ينتفى احتمال التجوز في المقيد بإرادة الندب أعني: كونه أفضل الافراد أو بإرادة الوجوب التخييري.
وكذا لو لم يكن احتمال التجوز بما ذكرناه منتفيا. ولكنه كان مرجوحا بالنسبة إلى التجوز في لفظ المطلق بإرادة المقيد منه. أما مع تساوي الاحتمالين فيشكل الحكم بترجيح أحد المجازين، بل يحصل التعارض (3) المقتضي للتساقط أو التوقف، ويبقى المطلق سليما من المعارض.
وقد أشار إلى بعض هذا الاشكال في النهاية وأجاب عنه بما يرجع إلى: أن حمله حينئذ على المقيد يقتضى تيقن (4) البراءة والخروج عن العهدة، بخلاف إبقائه على إطلاقه، فإنه لا يحصل معه ذلك اليقين. وقد أخذه بعضهم دليلا على الحكم مبتدأ مع الدليل الآخر من غير تعرض للاشكال. وهو كما ترى.
وأما أنه بيان (5) لا نسخ، فلانه نوع من التخصيص في المعنى، فان المراد من المطلق، كرقبة مثلا، أي فرد كان من أفراد الماهية فيصير عاما. إلا أنه