عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٣١
لا يصح خروج ذلك اجمع عن كونها لطفا فإذا لا يصح معنى النسخ فيها أصلا فاما ما يصح معنى النسخ فيه فهو كل فعل يجوز أن يتغير من حسن إلى قبح فيقع على وجه فيكون حسنا وعلى اخر فيكون قبيحا ويقع في وقت فيكون حسنا وفي اخر فيكون قبيحا ويقع من شخص فيكون حسنا ومن اخر فيكون قبيحا وذلك نحو المنافع والمضار واعتبار في ذلك بجنس الفعل بل الاعتبار في ذلك بالوجوه التي يقع عليها الفعل وعلى ذلك جميع الشرعيات لأنها قد تكون واجبة في وقت دون اخر وعلى شخص دون غيره وعلى وجه دون اخر الا ترى ان القعود في موضع مباح قد يكون حسنا ثم يعرض فيه وجه قبح بأن يخاف سبعا أو لصا أو وقوع حايط عليه وما شاكله فيصير العقود (القعود) نفسه قبيحا ولما ذكرناه اختلفت الشرايع ودخل النسخ فيها واختص بعض المكلفين بما لم يشركه فيه غيره وذلك ان الامساك في السبت كان واجبا في شرع موسى (ع) ثم صار قبيحا في شرع نبينا (ع) وغير ذلك وغير ذلك من الشرايع ويجب على الحايض ترك الصلاة والصوم ولا يجب ذلك على غيرها بل يكون ذلك قبيحا منه فعلى هذا ينبغي أن يجرى هذا الباب فاما النسخ في الاخبار فقد اختلف العلماء في ذلك فذهب أكثر من تكلم في أصول الفقه من المعتزلة وغيرهم وهو مذهب أبي على وأبي هاشم إلى النسخ في الاخبار لا يجوز وعللوا ذلك بأن قالوا تجويز ذلك في اخبار الله تعالى يوجب أن يكون أحد الخبرين كذبا وفصلوا بينه و بين الامر والنهى وذهب أبو عبد الله البصري وصاحب العمد وهو الذي اختاره سيدنا المرتضى إلى ان ذلك يجوز ولا فرق بين الخبر والامر والنهي في هذا الباب والذي ينبغي أن يحصل في هذا الباب ان الاخبار على ضربين أحدهما يتضمن معنى الامر والنهى والاخر يتضمن ذلك بل يكون خبرا محضا عن صفة الشئ في نفسه فما يكون معناه معنى الامر أو النهي فإنه يجوز دخول النسخ فيه لأنه لا فرق بين ان يقول صلوا الجمعة والجمعة وبين أن يقول صلاة الجمعة يوم الجمعة واجبة في انه يجب في الحالين الصلاة ومع ذلك يجوز معنى النسخ فيه بأن تخرج الصلاة من كونها واجبة وقد ورد القران بمثل ذلك قال الله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء وقال الطلاق مرتان وقال من دخله كان امنا وقال ولله على الناس حج البيت وكل ذلك خبر الا انه لما كان معناه معنى الامر جاز دخول النسخ فيه لجواز تغيره من حسن إلى قبح اما ما لا يكون معناه معنى الامر أو النهي وهو الذي يتضمن خبرا محضا عن صفة الشئ في نفسه فهو على ضربين أحدهما ان لا يجوز تغير موصوف تلك الصفة عما هي عليه فما يكون كذلك يجوز معنى النسخ في الاخبار عنه فاما الانتقال إلى ضده فلا يجوز لان ذلك جهل وذلك نحو الاخبار عن صفات الله تعالى ووحدانيته فإنه يجوز أن يتعبد تارة بالاخبار عن ذلك وتارة ينسخ عنا الاخبار عنها ولا يجوز أن يتعبد بالاخبار عن ضدها لان ذلك جهل على ما قدمناه والضرب الاخر هو ما يجوز انتقاله عن تلك الصفة
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125