القرينة فعليه ان يوردها ولم نر المحتجين بأوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وآله ذكروها على حال فهذا أيضا طريقة معتمدة ومن الفقهاء والمتكلمين من استدل على ان الامر يقتضى الايجاب بان قالوا ان الايجاب حكم معقول فلابد من أن يكون أهل اللغة وضعوا له عبارة لان الحاجة إليه ماسة وليس تجد عبارة يستعمل في ذلك الا هذه اللفظة فينبغي أن يكون مقيدة للايجاب واعترض على هذا الدليل من خالفهم بان قالوا هذه محض الاقتراح ولم يجب على أهل اللغة ان يضعوا لذلك عبارة الا انهم قد وضعوا لكل امر معقول عبارة فان ادعيتم ذلك كان الوجود بخلافه لأنا نعلم ان اختلاف الأذابيح أمور معقولة ولم يضعوا لكل واحد منها عبارة تخصه كما فعلوا ذلك في الألوان وكذلك لم يضعوا لاختلاف الألوان اسما كما وضعوا لاختلاف ألوان بأمور كثيره معقولة لم يضعوا لها عبارة فما المنكر من أن يكون حكم الايجاب ذلك الحكم ولو سلم ذلك وقد وضعوا لذلك وقولهم أوجبت عليك والزمتك إياه أو فرضت عليك أو متى لم يفعله استحقت الذم والعقاب وهذه عبارات تفيد ما اقترحتموه على ان الندب أيضا معنى معقول والإباحة معنى معقولة ولم يضعوا لهما عبارة فان قلتم قد وضعوا لهما عبارة وهي قولهم ندبتك إليه أو أبحتك إياه قيل لكم في الايجاب مثله فان قلتم قولهم أوجبت وألزمت انما هو خير (خبر) وليس بأمر قيل لكم وكذلك قولهم ندبت وأبحت خبر محض وليس بأمر فاستوى القولان فاما الاستدلال بقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول على ان أمرهما يقتضيان الايجاب فلا يصح الآية تضمنت الامر بالطاعة لهما والكلام في الامر وقع هل مقتضاه الايجاب أم لا فالاستدلال بها لا يصح فاما قوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك إلى قوله مما قضيت ويسلموا تسليما لا يمكن الاعتماد عليه أيضا في ان الامر يقتضى الايجاب لان القضاء في الآية بمعنى الالزام وليس بمعنى الامر والالزام هو الايجاب وكذلك قوله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله امرا أن يكون لهم الخيرة من امرهم لا يمكن الاعتماد عليه لان القضاء بمعنى الالزام على ما بيناه على ان من قال ان الامر يقتضى الندب لا يقول ان لهم الخيرة بل يقول ان الفعل بصفة الندب والأولى فعله والتخيير انما يثبت في المباح المحض وليس ذلك قولا لاحد وقوله ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا لا يمكن أيضا الاعتماد عليه والذي قلناه هو الاعتراض على قول من قال لو لم يقتضى الايجاب لما يسمى من خالفه غاصبا لأنا قد بينا ان العصيان قد يطلق على مخالفة المندوب إليه فاما وصف الله
(٧٠)