الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا فأوجب الحج على من كان مستطيعا فمن ليس بمستطيع لا يلزمه تحصيل الاستطاعة ليدخل تحت الامر وكذلك لما أوجب الزكاة على من ملك مأتى درهم أو عشرين دينارا فمن ليس معه النصاب لا يلزمه تحصيل النصاب ليدخل تحت الامر وان كان الامر مطلقا نظر فيه فان كان لا يصح على وجه الا بفعل اخر وجب تحصيل ذلك الشئ ليتم معه المأمور به وذلك نحو الامر بالمسبب وهو لا يحصل الا عن سبب فلابد من أن يكون السبب واجبا عليه الا ترى ان من أوجب على غيره ايلام غيره وذلك لا يحصل الا عن (من خ ل) ضرب فلابد من أن يلزمه الضرب ليحصل عنده الألم ولهذه الجملة قلنا ان الكافر إذا كان مخاطبا بالشرايع على بنبيه (نبيه) يلزمه الاسلام لأنه لا يصح منه ايقاع الفعل على وجه القرية (القربة) وكونها شرعية وكونه كافر يمنع من ذلك فان كان ذلك المأمور يصح على وجه ما حصوله الا انه قد علم بالشرع انه لا يكون شرعيا الا بفعل اخر جرى مجرى الأول في وجوب تحصيل ذلك الامر حتى يصح المأمور به وذلك نحو قوله أقيموا الصلاة وقد علمنا ان الصلاة لا تصح الا بالطهارة وستر العورة وغير ذلك من الشرائط ولا شرعية الا كذلك وجب عليه تحصيل كل ما لا يتم الصلاة الا بها من الطهارة وغيرها وان لم يدل دليل على وجوب فعل اخر غير انه قيل إذا كان امر من الأمور وجب عليك كذا فإنه لا يجب عليه تحصيل ذلك الامر ليلزم ما أوجب عليه عند حصوله ولذلك قلنا ان قوله تعالى واتوا الزكاة لا يقتضى وجوب تحصيل النصاب لما لم يدل دليل شرعي على ذلك وفرقنا بينه وبين أقيموا الصلاة على ما بيناه واما استدلال أهل العراق على ان ستر الركبة واجب لان ستر العورة لا يتم به فبعيد لان ذلك ليس بمستحيل بل يمكن ستر العورة وان لم يستر الركبة إذا سلم لهم ان الفخذ عورة وان كان عندنا الامر بخلافه اللهم ان يدل دليل اخر على ان ستر العورة لا يتم الا بستر الركبة فحينئذ يجب عليه للامر يستر العورة واما ما قاله الشافعي في قوله أو عدل ذلك صياما في انه إذا كان يدل كل يوم مدا من طعام فنفض (عن خ ل) من المد يجب صوم يوم تام لان صوم بعضه لا يتم الا بصوم جميعه فصحيح لأنا قد علمنا بالشريعة ان بعض اليوم لا يكون صوما فأوجبنا تمام اليوم لذلك وجرى ذلك مجرى الامر بالصلاة وانها لا تكون كذلك الا بالطهارة فأوجبنا الطهارة ولو لم يدل دليل على ذلك لما كنا نوجب عليه لان ذلك القدر الذي نفسه فاما دخول المرفقين في باب وجوب غسلهما اليدين فخارج عن هذا
(٧٣)