بالقول بالرأي الذي هو القياس.
قيل لهم: هذا الاطلاق الذي حكيناه ليس يختص بواحد دون اخر، بل العدلي يقول في نفسه وفيمن يقول بقوله انه يرى العدل، وكذلك القدر والارجاء وسائر ما حكيناه من المذاهب، على أن العدلي لا يرى أن القدري قايل بالقدر الا عن تقليد أو شبهة، وليس يرى أنه قائل من اجتهاد يقتضى غلبة الظن حتى يطلق عليه لفظ " الرأي " المختص عندهم بالمذاهب الحاصلة من طريق القياس.
فان قالوا: كيف يصح ان ينازعوا في اختصاص " الرأي " بما ذكرناه؟ ومعلوم ان القائل إذا قال: " هذا مذهب أهل الرأي "، و " قال أهل الرأي كذا " لم يفهم عنه الا القياس دون غيره.
قيل: هذا تعارف حادث في أهل القياس، لأنه حدث الاختلاف بين الأمة في القياس، فنفاه قوم وأثبته آخرون، وغلب على مثبتيه الإضافة إلى الرأي، ومعلوم ان هذا التعارف لم يكن في زمن الصحابة، فكيف يحمل خطابهم عليه؟
على أنه ليس معينا عن أحد من الصحابة انه قال: " انا من أهل الرأي " وأكثر ما رووه قولهم " رأينا كذا " و " كان رائى ورأى فلان كذا "!
وليس يمتنع أن يكون في بعض تصرف اللفظة من التعارف ما ليس هو في جميع تصرفها، ويكون الإضافة إلى " الرأي " قد غلب فيها ما ذكروه، وان لم يغلب في قولهم: " رأيت كذا " و " كان كذا من رأي ".
هذا مما لا يمكن دفعه، فإنه لا شبهة على أحد في أن قولهم: " فلان من أهل الرأي " لا يجري في الاختصاص بالإضافة إلى الاجتهاد والقياس مجرى قولهم " رأى فلان كذا " و " كان رأى فلان أن يقول بكذا "، وان الثاني لا تعارف فيه يخصصه وان كان في الأول.
وإذا صح ما ذكرناه، لم يمتنع أن يقول أمير المؤمنين عليه السلام: " كان رائي