فاما قوله: " ان كان خطأ فمني " (1) فيمكن لما أن يكون لأنه جوز أن يكون هناك ما هو أولى من الظاهر من دليل يخص، أو رواية تقتضيه من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مثل ما سئل منه يخالف قضيته، أو غير ذلك مما يكون العدول إليه أولى.
على أنهم يقولون: " كل مجتهد مصيب "، فيلزمهم السؤال عن قوله: " أن كان خطأ فمني "، وكيف نسب نفسه إلى الخطأ وهو مجتهد؟
فلا بد لهم من الرجوع إلى تجويزه على نفسه التقصير في طلب خبر لو استقصى لظفر به، وما جرى مجرى ذلك.
ومتى تأملت جميع المسائل التي حكي عنهم إضافة القول فيها إلى رأيهم وجدت لها مخرجا في الظواهر وطرقا تخالف القياس!
فاما قولهم: " ولو كان رجوعهم في ذلك إلى طرق العلم لما صح منهم الرجوع من رأى إلى اخر، ولا التوقف فيه، وتجويز كونه خطأ وصوابا ". فمن بعيد ما يقال، وذلك أن الرجوع عن المذاهب وأدلتها لا يدل على القول فيها بالقياس والظن، لان ذلك قد يصح فيما طريقه العلم والأدلة، الا ترى ان القائل بالجبر قد يعدل عنه إلى العدل، وكذلك قد يعدل عن القطع على عقاب الفساق من أهل القبلة إلى القول بالارجاء (2)، وسائر مسائل الأصول ذلك ممن فيها، فليس التنقل من رأى إلى اخر