فصل [4] " في أن العبادة لم ترد بوجوب العمل بالقياس " الذاهبون إلى القول بالقياس في الشرع فريقان:
أحدهما: يوجب العمل به عقلا، وهم الشذاذ على ما ذكرناه (1).
والآخرون: يوجبون العمل به سمعا وان لم يثبتوه عقلا (1).
ونحن نفسد كلا القولين ليتم لنا ما قصدناه.
فاما من أثبته عقلا فالأصل في الكلام عليه ان يقال: ان الفعل الواجب لابد له (2) من أن يكون له وجه وجوب لولاه لم يجب، لأنه لو لم يكن كذلك لم يكن بالوجوب أولى من غيره، وماله يجب الفعل ينقسم قسمين: أحدهما: صفة تختصه ولا تتعداه إلى غيره، وذلك جميع الواجبات العقلية، نحو رد الوديعة، والانصاف، وشكر المنعم.
والاخر: أن يكون وجوبه لتعلقه بغيره على سبيل اللطف، نحو أن يختار المكلف عنده واجبا اخر، أو يمتنع عن قبيح، وليس يكون كذلك الا بعد أن يختص في نفسه بصفة تدعو إلى اختيار ما يختار عنده، وهذا القسم على ضربين: