المنع من نسخه في ذلك؟ ولو إنه تناول ما قال لم يمنع ذلك من نسخه، لأنه كان يدل على أنه لم يرد باللفظ ما وضع له، فيجري النسخ في ذلك مجرى التخصيص.
ومن شرط النسخ: ألا يقع إلا في الأحكام الشرعية دون أجناس الأفعال وضروبها، لأنه إنما ينسخ عن الفعل الذي وجب، بأن يبين أن أمثاله ليست بواجبة، والفعل المحظور يبين أن أمثاله غير محظورة.
وليس من شرطه أن يكون للحكم المنسوخ بدل في الأحكام الشرعية، على ما زعم بعضهم (١) وذلك أن ما دل على أن مثل الحكم الثابت بالنص الأول ساقط في المستقبل يكون ناسخا له وإن سقط لا إلى حكم آخر، بل عاد حاله إلى ما كانت عليه في العقل، وعلى هذا الوجه نسخ الله تعالى الصدقة بين يدي مناجاة الرسول عليه السلام بقوله: ﴿أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجويكم صدقات﴾ (2) فأسقط لا إلى بدل، فكذلك أسقط ما زاد على الاعتداد على أربعة أشهر وعشرا عن المتوفى عنها زوجها (3) لا إلى بدل.
ولأن زوال الحكم إلى بدل لم يكن نسخا لأجل البدل، وإنما كان منسوخا لزواله، فلا فصل بين زواله إلى بدل وإلى غير بدل، وكذلك وصف صوم عاشوراء بأنه منسوخ، وإن كان صوم رمضان لا يجوز أن يكون بدلا منه، لجواز وجوبه مع وجوبه وارتفاع التنافي بينهما.
فأما نسخ الحكم ببدل فقد يقع على وجوه:
منها: أن يسقط وجوبه إلى الندب، نحو نسخه ثبات الواحد للعشرة (4)، إلى