نحو ما روى عن أبي بكر في الكلالة: " أقول فيها برأيي " (1) وقول عمر: " اقض برأيي " (1)، وقوله: " هذا ما رأى عمر " (1)، ونحو قول أمير المؤمنين عليه السلام في أمهات الأولاد: " كان رأيي ورأى عمر ان لا يبعن ثم رأيت بيعهن " (1)، وهذه الجملة لا تدل على القياس والاجتهاد من الوجه الذي ذكرناه في اطلاق لفظة " الرأي " وإضافة المذهب إليه.
ولأنه أيضا: لو كان رجوعهم فيما ذكرناه من اختلافهم إلى طرق العلم، لما صح منهم الرجوع من رأى إلى رأى، ولا التوقف فيه، وتجويز كونه صوابا وخطاء، ولا ان يمسكوا عن تخطئة المخالف والنكير عليه.
ولأن الأدلة لا تتناقض ولا تختلف، فكيف يجوز أن يرجع كل واحد إلى دليل مع اختلاف أقوالهم.؟
فيقال لهم: قد ادعيتم في معنى " الرأي " ما لا يصح، لان " الرأي " إذا أطلق تناول كل ما كان متوصلا إليه بضرب من الاستدلال الذي يصح فيه اعتراض الشبهات، واختلاف أهل الاسلام لا يختص ما قيل قياسا دون ما قيل من جهة اعتبار الظواهر والاستدلال بها الا ترى انهم يقولون: " فلان يرى العدل و " فلان يرى القدر " و " فلان يرى الارجاء " وفلان يرى القطع على عقاب الفساق " وان كان ذلك متوصلا إليه بالأدلة الموجبة للعلم.
وكذلك يقولون: " ان أبا حنيفة يرى الوضوء بنبيذ التمر (2) وان ذلك رأيه " كما يقال: " ان ذلك مذهبه " وان كان لا يرجع في ذلك إلى قياس واجتهاد.
ويقال أيضا: " ان القضاء بالشاهد واليمين " رأى الشافعي (3) ومالك (3) وان كان