فصل [2] " في ذكر صفات المفتى والمستفتي، وبيان أحكامهما " لا يجوز لاحد أن يفتى بشئ من الاحكام الا بعد أن يكون عالما به، لان المفتى يخبر عن حال ما يستفتى فيه، فمتى لم يكن عالما به فلا يأمن أن يخبر بالشئ على غير ما هو به وذلك لا يجوز، فإذا لابد من أن (1) يكون عالما به، ولا يكون عالما الا بعد أمور:
منها: أن يعلم جميع ما لا يصح العلم (2) بتلك الحادثة الا بعد تقدمه، وذلك نحو العلم بالله تعالى، وصفاته، وتوحيده، وعدله.
وانما قلنا ذلك: لأنه متى لم يكن عالما بالله لم يمكنه أن يعرف النبوة، لأنه لا يأمن أن يكون الذي ادعى النبوة كاذبا، ومتى عرفه ولم يعرف صفاته، وما يجوز عليه وما لا يجوز، لم يأمن أن يكون قد صدق الكاذب، فلا يصح أن يعلم ما جاء به الرسول.
فإذا لابد من أن يكون عالما بجميع ذلك، ولابد أن يكون عالما بالنبي الذي جاء بتلك الشريعة، لأنه متى لم يعرفه لم يصح ان يعرف ما جاء به من الشرع.
ولابد من أن يعرف أيضا: صفات النبي، وما يجوز عليه وما لا يجوز عليه، لأنه