مرجعهما فيه إلى الخبر، وان الأقراء التي تعتبر في العدة على رأي أبي حنيفة الحيض (1) وعلى رأى الشافعي وغيره الأطهار (2) وان كان رجوع كل واحد منهما في ذلك إلى ضرب من الاستدلال يخالف القياس.
وإذا كان معنى " الرأي " والمستفاد به المذهب والاعتقاد على ما ذكرناه، لم يكن في إضافة الصحابة أقوالها إلى الرأي لأدلة على ما توهمه خصومنا من القياس، لأنهم لم ينصوا على أن الرأي الذي رواه هو الصادر عن القياس دون غيره، وإذا لم ينصوا والقول محتمل لما يقولونه لم يكن للخصم فيه دلالة.
فان قالوا: ان كان القول في " الرأي " على ما ذكرتم فلم لا يقال: ان المسلمين يرون أن التمسك بالصلاة والصوم وما أشبه ذلك من الأمور المعلومة؟ قلنا: انما لا يقال ذلك لما قدمناه من أن لفظ " الرأي " يفيد الأمور المعلومة من الطرق التي يصح أن تعترضها الشبهات ويختلف فيها أهل القبلة، ولهذا لا يضيفون الأمور المعلومة ضرورة من واجبات العقول إلى الرأي، كقبح الظلم، ووجوب الانصاف، ورد الوديعة. ولا يضيفون أيضا إليه العلم بدعاء الرسول عليه السلام لامته إلى صلوات الخمس، وصوم شهر بعينه، لأنه معلوم ضرورة، أو باستدلال لا يدخل فيه شبهة.
وكذلك أيضا: لا يضيفون إليه سائر الأمور المعلومة بالأدلة التي لا يختلف المسلمون فيها، كوجوب التمسك بالصلاة، والصوم، والعلم بنبوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وصدق دعوته، وقد بينا انهم يطلقون " الرأي " في القول بالعدل، والقدر وغير ذلك.
فان قالوا: انما صح ان يقول العدلي: " فلان يرى القدر "، ويقول: القدري: " فلان يرى العدل " لان كل واحد منهما ينسب صاحبه إلى القول بغير علم، وان اجتهد، فشبه