فصل [4] " في ذكر جملة ما يحتاج إلى بيان وما لا يحتاج من الأفعال " الفعل على ضربين:
ضرب منه: يقع على وجه، من وجوب، أو ندب، أو إباحة، ويعلم وقوعه على ذلك الوجه، فما يكون كذلك لا يحتاج إلى بيان ليعلم به الوجه الذي وقع عليه، لأن ذلك قد حصل العلم به.
والضرب الآخر: أن يعلم مجرد الفعل ولا يعلم الوجه الذي وقع عليه، ويجوز فيه وقوعه واجبا، وندبا، ومباحا على حد واحد، فما يكون كذلك يحتاج إلى بيان يعلم به الوجه الذي وقع عليه.
وجرى الفعل في هذا الباب مجرى القول، لأن القول لما انقسم إلى قسمين:
قسم أنبأ عن المراد بظاهره وصريحه استغنى بذلك عن بيان المراد، والقسم الآخر لم ينبئ عن المراد على التعيين، احتاج في العلم بتعيينه إلى بيان، فساوى القول الفعل من هذا الوجه على ما بيناه.
ونحن وإن ذهبنا إلى أن الأفعال كلها لابد من أن يعرف المراد بها، ويعرف على أي وجه وقعت عليه بدليل، فذلك لا يمنع من أن يكون حالها ما وصفناه، كما أن الأقوال كلها قد علم أنها تحتاج في معرفة ما وضعت له، وأن الحكيم مريد بها ذلك