دلالة على ما ظنوا (1).
وأما التوقف: فقد يجوز أن يكون طلبا للاستدلال والتأمل، كما يتوقف الناظرون في كثير من مسائل الأصول التي يتوصل إليها بالأدلة المفضية إلى العلم ويتثبتون تحرزا من الغلط، واحتياطا في إصابة الحق.
فاما: " تجويز كونه خطأ وصوابا "، فالوجه فيه ما ذكرناه في خبر ابن مسعود، أو أن ذلك يحسن أن يقال بحيث يكون التجويز لورود ما هو أولى من الظاهر ثانيا، لان الناظر ربما كان متهما نفسه بالتقصير ويجوز أن يكون في المسألة مخصص أو معنى يقتضى العدول إليه لم يمعن النظر في طلبه والفحص عنه.
واما قولهم: " ولا ان يمسكوا عن تخطئة المخالف والنكير عليه، ولأن الأدلة لا تتناقض ولا تختلف، فكيف يجوز أن يرجع كل واحد منهم في قوله إلى دليل "؟
فقد بينا انا لا نقول ان مع كل واحد دليلا على الحقيقة، وانما قلنا: يجوز أن يكون كل واحد تعلق بطريقة من الظاهر وأدلة النصوص، اعتقدها دليلا لا شبهة في أن الأدلة لا تتناقض، الا أن ما يعتقد بالشبهة دليلا لا يجب ذلك فيه.
فاما الامساك عن النكير (2) والتخطئة، فلم يمسكوا عنهما، والعلم بان بعضهم خطأ بعضا يجرى مجرى العلم بأنهم اختلفوا، فدافع أحد الامرين كدافع الاخر.
ويدل على ما ذكرناه ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام وقد استفتاه عمر في امرأة وجه إليها، فألقت ما في بطنها، وقد أفتاه كافة من حضره من الصحابة بأن لا شئ عليه، فإنه مؤدب فقال عليه السلام: " ان كان هذا جهد رأيهم فقد أخطأوا، وان كانوا قاربوك فقد غشوك " (3) وهذا تصريح بالتخطئة.