ولا فرق بين من يدعى تواترها، وبين من يدعى تواتر جميع اخبار الآحاد التي ظهرت بين الفقهاء، وكثر احتجاجهم بها في كتبهم ومناظراتهم وان كانت أصولها آحادا.
فاما الاجماع والتلقي بالقبول، فإنه غير مسلم، لأنه لم يكن منهم في هذه الأخبار الا ما كان منهم في [خبر الوضوء من] (1) مس الذكر (2)، وقوله " انما الأعمال بالنيات " (3) وما شاكل ذلك من اخبار الآحاد، وقد علمنا أن هذه الأخبار التي ذكرناها وما جرى مجراها ليس مما يوجب الحجة، ولا تثبت بمثله الأصول التي طريقها العلم.
فان قالوا: خبر " مس الذكر " و " الأعمال بالنيات " ما قبلوه من حيث قطعوا على صحته، وانما عملوا به كما يعلمون على اخبار الآحاد.
قلنا: وهكذا خبر غصني الشجرة وما يجرى مجراه، فليس يمكن بين الامرين فرق.
وبعد: فلو سلمنا قيام الحجة بما رووه، وان لم يكن كذلك لم يكن فيه دليل على قولهم، لان أكثر ما في الرواية عن ابن عباس انه أنكر على زيد انه لم يحكم للجد بحكم الأب الأدنى كما حكم في ابن الابن، وليس في الرواية انه أنكر ذلك عليه وجمع بين الامرين بعلة قياسية أوجبت الجمع بينهما! وظاهر نكيره يحتمل أن يكون، لان ظاهرا من القول أوجب عنده اجراء الأب مجرى الجد كما أن ظاهر اخر أوجب اجراء ابن الابن مجرى الابن للصلب، الا ترى انه يحسن من نافى القياس، العامل في مذهبه كله على النصوص أن يقول لمن خالفه في حكم الملامسة: اما تتقى الله توجب انتقاض الطهر بالتقاء الختانين، ولا توجب انتقاضه بالقبلة؟! وهو