اختاره شيخنا أبو عبد الله (1) (رحمه الله).
ولا خلاف بين أهل العلم ان القرآن لا ينسخ باخبار الآحاد، الا أن من أجاز نسخ القرآن بالسنة المقطوع بها، يقول: كان يجوز نسخه أيضا باخبار الآحاد ولكن الشروع منع منه، وهو الاجماع على أن خبر الواحد لا ينسخ به القران، والا كان ذلك جائزا، كما ثبت عندهم تخصيص عموم القران وبيان مجمله باخبار الآحاد.
ولي في هذه المسألة نظر، الا اني أذكر ما تعلق به كل واحد من الفريقين على ضرب من الايجاز:
فاستدل (2) من قال بجواز ذلك: انه إذا أوجبت السنة المقطوع بها العلم والعمل ساوت الكتاب في ذلك، فيجب جواز حصول نسخها كما يجوز أن يبين بها، ويخص بها، وانما لا يجوز نسخه بخبر الواحد للاجماع الذي ذكرناه والا كان ذلك جائزا.
وقالوا أيضا: النسخ إذا كان واقعا في الاحكام التي هي تابعة للمصالح، وكانت السنة في الدلالة على الاحكام كالقرآن لا يختلفان، فيجب جواز نسخه بها.
قالوا: ومزية القرآن في باب الاعجاز على السنة لا يخرجها من التساوي فيما ذكرناه، يبين ذلك أن نسخ الشريعة انما يصح من حيث كان دلالة على أن الحكم المراد بالأول أريد (3) به إلى غاية وقد علم أن قوله تعالى كذا وإذا كان وحيا ولم يكن قرانا في باب الدلالة على ذلك كالقرآن، فكذلك حال السنة في ذلك يجب أن يكون حال القرآن في جواز نسخ القرآن به، لان الذي يختص القرآن به من الاعجاز لا تأثير له