واعترض أيضا على الاستدلال بالآية بأن قالوا: ليس في ظاهر الآية نسخ حكم الآية، وهو موضع الخلاف، وهذا أيضا يسقط بالاجماع، لان أحدا لا يفصل بين نسخ الآية وبين نسخ حكمها، فمن فصل بينهما كان مخالفا للاجماع.
وقالوا أيضا: ان نسخ الآية انساؤها إذا حمل على أن المراد به انه ينسيه عن صدور الرجال، فالله تعالى هو الفاعل لذلك فلا يصح وقوع ذلك بالسنة.
ومتى حمل على أن المراد به أن يبين ان تلاوتها ليس بطاعة، فذلك يصح بالسنة والقرآن جميعا.
ولمن نصر الأول أن يقول: انا احمل الآية على الامرين جميعا، على أنه لا ينسها عن صدور الرجال الا الله، ولا يبين ان تلاوتها ليس بطاعة الا بقرآن آخر خير منه أو مثله، وان ذلك لا يقع بالسنة أصلا، لهذا الظاهر.
واعترضوا أيضا الاستدلال بها بان قالوا: قولنا: " كذا خير من كذا "، يستعمل بمعنى انه أنفع لنا منه، وانه وقد زاد في باب النفع على غيره وإذا ثبت ذلك جاز أن يقال انه نأت بخير منها، أي بأنفع لكم منها، والمنفعة في هذا الموضع هي (1) ما يستحق بالفعل من الثواب، وليس يمتنع أن يكون الثواب بما يدل السنة عليه من الفعل أكثر مما يستحقه على الفعل الذي دلت الآية عليه وعلى تلاوتها، فيجب من هذا الوجه صحة نسخ الآية بالسنة وان يستدل بنفس الآية على ما نقوله.
وأجاب من نصر المذهب الأول عن ذلك بان قال: فكان يجب على هذا التقدير ان يقال بالاطلاق: ان السنة خير من القرآن، ويراد بذلك انه أكثر ثوابا، وفي اطلاق ذلك خروج من الاجماع.
واعترضوا على الوجه الأول من الاستدلال بالآية بان قالوا: قوله: (نأت بخير منها) مضيفا ذلك إلى نفسه لا يدل على ما قالوه، لان عندنا النسخ انما يقع بالوحي الذي إلى الله تعالى، به وان كان بالسنة فنستدل عليه ونعمله، وقد أعطينا الإضافة