فيما به يصح النسخ من الدلالة على الحكم، لان نفى كونه معجزا مع كونه قولا له تعالى لا يخرجه من أن يدل على الحكم كهو إذا لم تكن معجزا، الا ترى ان قوله عليه السلام دلالة على الحكم وان لم يكن معجزا، فإذا صح ذلك لم يكن بكون القرآن معجزا اعتبار، فوجب صحة نسخه بالسنة على ما قدمناه.
واستدل من امتنع من جواز نسخه بالسنة بأشياء (١):
منها قوله تعالى: ﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ (٢)، قالوا:
فجعله الله تعالى مبينا للقرآن، فلو نسخه لكان قد ازاله، والإزالة ضد البيان.
واعترض من خالف في ذلك بأن قال: انه إذا نسخه بالسنة فقد بين الوقت الذي تزول فيه العبادة، وهذا في أنه بيان جار مجرى التخصيص، ولو لم يكن ذلك بيانا لم يكن في وصف الله تعالى له بأنه مبين دليل على أنه لا يفعل ما ليس ببيان، كما لا يدل على أنه لا يبتدى بأحكام شرعها.
وقال أبو هاشم: ان معنى قوله: (لتبين للناس ما نزل إليهم)، أي لتبلغ وتؤدي لان " الأداء " بيان، ومتى حملنا الآية على هذا وفينا حقها في العموم لأنه مؤد لكل ما انزل الله.
ومتى حملت على البيان الذي هو التفسير حملت على التخصيص، وإذا أمكن حمل الآية على العموم كان أولى من حملها على الخصوص (٣).
واستدلوا أيضا بقوله: ﴿وإذا بدلنا آية مكان آية﴾ (4) قالوا: فتبين انه تبدل الآية بالآية، وذلك يمنع من أن ينسخ بالسنة.