حقها.
وقالوا أيضا في الوجه الثاني: انه لا يمتنع أن يقول القائل: " آخذ منك كذا وأعطيك ما هو أنفع منه " وان لم يكن من جنسه، لأنه قد يقول الرجل لصاحبه مصرحا: لا آخذ منك كذا ثوبا الا وأعطيك ما هو خير منه من الدنانير "، " ولا آخذ منك دارا الا وأعطيك ما هو أنفع لك منه من البستان " وغير ذلك.
وقالوا في الوجه الثالث من قوله تعالى: ﴿ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير﴾ (١): انما يريد به انه قادر على أن ينسخ الآية بما يعلم أنه أصلح للعباد من المنسوخ، والذي يختص بذلك هو الله تعالى.
واستدل بعض أصحاب الشافعي على صحة ما ذهبوا إليه بان قالوا (٢):
لا يجوز ذلك من جهة العقل لان في ذلك ارتيابا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستدل على ذلك بقوله: ﴿وإذ بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا انما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون﴾ (3) ثم بين انه ليس يرفع هذا بقوله، وان المبدل هو الله تعالى بما أنزله.
وهذا غلط، لان الله تعالى ذكر انهم نسبوه إلى الافتراء عند تبديله الآية بالآية، ان كان ما يلحقهم من الارتياب قد يمنع من نسخ الآية بالسنة، فيجب أن يمنع من نسخ الآية بالآية أيضا، وكيف يمنع العقل من ذلك؟ ومن علم كون القرآن معجزا يعلم صدقه، وعلمه بصدقه ينفى الارتياب بقوله إذا نسخ الآية بالسنة، وليس نسخه بالسنة نسخا من تلقاء نفسه، بل هو نسخ له بالوحي النازل عليه، فهو في الحكم كأنه نسخ آية بآية.
وفي الناس من قال: ان العقل يجيز ذلك لكن لم يرد ذلك في السنة ولم