قال: نأت بآية خير منها أو مثلها ومنها: ان الآية انما تكون خيرا من الآية بأن تكون أنفع منها، والمنفعة بالآية تقع بتلاوتها وبامتثال حكمها، فيجب أن يكون ما يأت به يزيد في النفع على ما ينسخه، ولا يكون زائدا عليه الا ويحصل به النفع من كلا الوجهين، والسنة لا يصح ذلك فيها.
وذكر من خالف هذا المذهب في تأويل هذه الآية وجها قويا وهو المحكي عن أبي هاشم وهو انه قال (1): " ليس في قوله: (نأت بخير منها) دلالة على أن ما يأتي بها هو الناسخ، لأنه لم يقل نأت بخير منها ناسخا، فيجوز أن ينسخ الآية بشئ اخر ثم يأت بخير منها وأجاب من نصر المذهب الأول عن هذا بان قال: إذا ثبت انه لابد أن يأتي بآية أخرى، وكل من قال بذلك قال لأنها تكون ناسخه، وليس في الأمة من قال لابد من أن يأتي بآية أخرى وإن لم يكن ناسخه، لان من جوز نسخ القرآن بالسنة قال: يجوز ان ينسخه بالسنة وان لم يأت بآية أخرى، وكل قول خالف الاجماع وجب اطراحه.
واعترضوا (2) على الاستدلال بالآية أيضا بان قالوا: قوله: (ما ننسخ من اية أو ننسها نأت بخير منها) يقتضى ثبوت النسخ قبل الاتيان بخير منها، فلو كان النسخ بما يأتي به يقع، لما صح حصول نسخ الآية قبل أن يأتي بخير منها.
ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن يقال: لا يمتنع أن يقول: نأت بخير منها ناسخا وأن تقدم قوله: (ما ننسخ من آية أو ننسها)، كما أن القائل إذا قال: " انا لا أبطل الحركة الا وافعل السكون "، " ولا يعدم السواد عن المحل الا ويطرؤ عليه البياض "، وان كان المبطل للسواد هو البياض الطارئ وكذلك المبطل للحركة السكون الذي يطرأ عليه، فكذلك القول في الآية.