فلو أفادت " لو " انتفاء الشئ لانتفاء غيره، لزم التناقض; لأن قوله: * (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم) *، يقتضى أنه ما علم فيهم خيرا وما أسمعهم، وقوله: * (ولو أسمعهم لتولوا) *، يفيد أنه تعالى ما أسمعهم ولا تولوا; لكن عدم التولي خير، فيلزم أن يكون وما علم فيهم خيرا.
قال: فعلمنا أن كلمة " لو " لا تفيد إلا الربط. هذا كلامه.
وقد يمنع قوله: " إن عدم التولي خير "; فإن الخير إنما هو عدم التولي، بتقدير حصول الإسماع، والفرض أن الإسماع لم يحصل، فلا يكون عدم التولي على الإطلاق خيرا، بل عدم التولي المرتب على الإسماع.
الطريق الثاني: أن قولهم: لامتناع الشئ لامتناع غيره، معناه أن ما كان جوابا لها كان يقع لوقوع الأول، فلما امتنع الأول امتنع أن يكون الثاني واقعا لوقوعه، فإن وقع فلأمر آخر; وذلك لا ينكر فيها; ألا ترى أنك إذا قلت: لو قام زيد قام عمرو، دل ذلك على امتناع قيام عمرو الذي كان يقع منه لو وقع قيام زيد، لا على امتناع قيام عمرو لسبب آخر. وكذلك " لو لم يخف الله لم يعصه "، امتنع عدم العصيان الذي كان سيقع عند عدم الخوف لو وقع، ولا يلزم امتناع عدم العصيان عند وجود الخوف.
الثالث: أن تحمل " لو " فيما جاء من ذلك; على أنها محذوفة الجواب فيكون قوله:
* (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام) * معناه، لو كان هذا لتكسرت الأشجار، وفنى المداد، ويكون قوله: * (ما نفدت) * مستأنف، أو على حذف حرف العطف، أي وما نفدت.
الرابع: أن تحمل " لو " في هذه المواضع على التي بمعنى " إن "، قال أبو العباس: لو أصلها في الكلام أن تدل على وقوع الشئ لوقوع غيره، تقول: لو جئتني لأعطيتك، ولو كان زيد هناك لضربتك، ثم تتسع فتصير في معنى " إن " الواقعة للجزاء، تقول: أنت لا