" لو لم يخف الله لم يعصه "; إذ لا يلزم من انتفاء " لم يخف " انتفاء " لم يعص " حتى يكون خاف وعصى; لأن انتفاء العصيان له سببان: خوف العقاب والإجلال، وهو أعلى; والمراد أن صهيبا لو قدر خلوه عن الخوف لم يعص للإجلال; كيف والخوف حاصل!
ومن فسرها بالامتناع اختلفوا، فقال الأكثرون إن الجزاء - وهو الثاني - امتنع لامتناع الشرط - وهو الأول - فامتنع الثاني وهو الرفع، لامتناع الأول; وهو المشيئة.
قال ابن الحاجب ومن تبعه كابن جمعة الموصلي وابن خطيب زملكا: امتنع الأول لامتناع الثاني، قالوا: لأن امتناع الشرط لا يستلزم امتناع الجزاء، لجواز إقامة شرط آخر مقامه; وأما امتناع الجزاء فيستلزم امتناع الشرط مطلقا.
وذكروا أن لها مع شرطها وجوابها أربعة أحوال:
أحدها: أن تتجرد من النفي، نحو: لو جئتني لأكرمتك; وتدل حينئذ على انتفاء الأمرين، وسموها حرف وجوب لوجوب; ومنه قوله تعالى: * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) *.
* (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة) *.
وقوله: * (أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين) *، أي ما هداني بدليل قوله بعده: * (بلى قد جاءتك آياتي) *; لأن " بلى " جواب للنفي.
ثانيها: إذا اقترن بها حرف النفي، تسمى حرف امتناع لامتناع، نحو: لو لم تكرمني لم أكرمك، فيقتضى ثبوتهما لأنهما للامتناع; فإذا اقترن بهما حرف نفى، سلب عنهما الامتناع، فحصل الثبوت; لأن سلب السلب إيجاب.
ثالثها: أن يقترن حرف النفي بشرطها دون جوابها، وهي حرف امتناع لوجوب، نحو: لو تكرمني أكرمتك; ومعناه عند الجمهور انتفاء الجزاء وثبوت الشرط.