تكرمني ولو أكرمتك، تريد " وإن "، قال تعالى: * (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) *.
وقوله: * (فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به) *، تأويله عند أهل اللغة: لا يقبل أن يتبرر به وهو مقيم على الكفر، ولا يقبل وإن افتدى به.
فإن قيل: كيف يسوغ هذا في قوله: * (ولو أن ما في الأرض) *، فإن " إن " الشرطية لا يليها إلا الفعل، " وإن " المشددة مع ما عملت فيه اسم; فإذا كانت " لو " بمنزلة " إن " فينبغي ألا تليها.
أجاب الصفار، بأنه قد يلي " أن " الاسم في اللفظ. فأجاز ذلك في " إن " نفسها فأولى أن يجوز في " لو " المحمولة عليها، وكما جاز ذلك في " لو " قبل خروجها إلى الشرط; مع أنها من الحروف الطالبة للأفعال.
قال: والدليل على إن " لو " في الآيتين السابقين بمعنى " إن " أن الماضي بعدها في موضع المستقبل، " ولو " الامتناعية تصرف معنى المستقبل إلى الماضي، فإن المعنى " وإن يفتد به ".
واعلم أن ما ذكرناه من أنها تقتضي امتناع ما يليها أشكل عليه قوله تعالى: * (ولو كنا صادقين) *; فإنهم لم يقروا بالكذب.
وأجيب بوجهين: أحدهما أنها بمعنى " إن "، والثاني قاله الزمخشري أنه على الفرض; أي ولو كنا من أهل الصدق عندك.
وقال الزمخشري فيما أفرده على سورة الحجرات: " لو " تدخل على جملتين فعليتين، تعلق ما بينهما بالأولى تعلق الجزاء بالشرط; ولما لم تكن مخلصة للشرط كإن ولا عاملة مثلها،