هنا مع أن المجعول عنه ينبغي أن يتحقق قبل الجعل، مع صفة المجعول، كقولك: " جعلت زيدا قائما " فهو قبل ذلك كان متصفا بضد القيام، وهنا لم يوجد " الجعل " إلا على هذه الصفة، فكيف يصح استعمال الجعل فيه؟
والجواب أن الليل جوهر قام به السواد، والنهار جوهر قام به النور، وكذلك الشمس جسم قام به ضوء، والأجسام والجواهر متقدمة على الأعراض بالذات، والعرب تراعى مثل هذا، نقل الفراء أنهم قالوا: أحسنت إليك فكسوتك; فجعلوا الإحسان متقدما على الكسوة; بدليل العطف بالفاء، وليس ذلك إلا تقدم ذاتي، لأن الإحسان في الخارج هو نفس الكسوة.
ولك أن تقول: لا نسلم أن الإحسان نفس الكسوة; بل معنى يقوم بالنفس ينشأ عنه الكسوة.
حسب يتعدى لمفعولين. وحيث جاء بعدها أن والفعل، كقوله تعالى: * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) *، * (أم حسبتم أن تتركوا) * ونظائره، فمذهب سيبويه أنها سادة مسد المفعولين، ومذهب المبرد أنها سادة مسد المفعول الواحد، والثاني عنده مقدر.
ويشهد لسيبويه أن العرب لم يسمع من كلامهم نطق بما ادعاه من التصريح بهما، ولو كان كما ذكره لنطقوا حتى به ولو مرة.