وقال أبو البقاء في قوله تعالى: * (أم اتخذ مما يخلق البنات) * تقديره بل " أتخذ! " بهمزة مقطوعة على الإنكار، ولو جعلناه همزة وصل لصار إثباتا. تعالى الله عن ذلك! ولو كانت " أم " المنقطعة بمعنى " بل " وحدها دون الهمزة وما بعد " بل " متحقق، فيصير ذلك في الآية متحققا، تعالى الله عن ذلك!
مسألة [في ضرورة تقدم الاستفهام على " أم "] " أم " لا بد أن يتقدمها استفهام أو ما في معناه. والذي في معناه التسوية; فإن الذي يستفهم، استوى عنده الطرفان; ولهذا يسأل، وكذا المسؤول استوى عنه الأمران.
فإذا ثبت هذا; فإن المعادلة تقع بين مفردين وبين جملتين، والجملتان يكونان اسميتين وفعليتين; ولا يجوز أن يعادل بين اسمية وفعلية; إلا أن تكون الاسمية بمعنى الفعلية، أو الفعلية بمعنى الاسمية، كقوله تعالى: * (سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون) * أي أم صمتم.
وقوله: * (أفلا تبصرون. أم أنا خير) *; لأنهم إذا قالوا له: أنت خير، كانوا عنده بصراء، فكأنه قال: أفلا تبصرون أم أنتم بصراء؟
قال الصفار: إذا كانت الجملتان موجبتين قدمت أيهما شئت، وإن كانت إحداهما منفية أخرتها، فقلت: أقام زيد أم لم يقم؟ ولا يجوز: ألم يقم، أم لا؟ ولا سواء على ألم تقم أم قمت! لأنهم يقولون: سواء على أقمت أم لا؟ يريدون: أم لم تقم؟ فيحذفون لدلالة الأول، فلا يجوز هذا: سواء على أم قمت؟ لأنه حذف من غير دليل، فحملت سائر المواضع المنفية على هذا.