قاعدة في ألفاظ يظن بها الترادف وليست منه ولهذا وزعت بحسب المقامات فلا يقوم مرادفها فيما استعمل فيه مقام الآخر، فعلى المفسر مراعاة الاستعمالات والقطع بعدم الترادف ما أمكن; فإن للتركيب معنى غير معنى الإفراد، ولهذا منع كثير من الأصوليين وقوع أحد المترادفين موقع الآخر في التركيب; وإن اتفقوا على جوازه في الإفراد.
فمن ذلك " الخوف " و " الخشية "، لا يكاد اللغوي يفرق بينهما، ولا شك أن الخشية أعلى من الخوف، وهي أشد الخوف، فإنها مأخوذة من قولهم: شجرة خشية إذا كانت يابسة وذلك فوات بالكلية; والخوف من قولهم: ناقة خوفاء; إذا كان بها داء، وذلك نقص وليس بفوات; ومن ثمة خصت الخشية بالله تعالى في قوله سبحانه: * (ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) *.
وفرق بينهما أيضا، بأن الخشية تكون من عظم المخشى، وإن كان الخاشي قويا، والخوف يكون من ضعف الخائف، وإن كان المخوف أمرا يسيرا، ويدل على ذلك أن الخاء والشين والياء في تقاليبها تدل على العظمة; قالوا: شيخ للسيد الكبير، والخيش لما عظم من الكتان، والخاء والواو والفاء الله في تقاليبها تدل على الضعف، وانظر إلى الخوف لما فيه من ضعف القوة، وقال تعالى: * (ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) *، فإن الخوف من الله لعظمته، يخشاه كل أحد كيف كانت حاله، وسوء الحساب ربما لا يخافه من كان عالما بالحساب، وحاسب نفسه قبل أن يحاسب.