وكذلك قوله تعالى: * (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم) * يخبرون عن أنفسهم بالثبات على الإيمان بهم.
ومنه قوله تعالى: * (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي) *، قال الإمام فخر الدين الرازي: لأن الاعتناء بشأن إخراج الحي من الميت لما كان أشد أتى بالمضارع، ليدل على التجدد، كما في قوله تعالى: * (الله يستهزئ بهم) *.
تنبيه مضمر الفعل كمظهره في إفادة الحدوث، ومن هذه القاعدة قالوا: إن سلام الخليل عليه السلام أبلغ من سلام الملائكة، حيث قال: * (قالوا سلاما قال سلام) *: فإن نصب * (سلاما) * إنما يكون على إرادة الفعل، أي سلمنا سلاما، وهذه العبارة مؤذنة بحدوث التسليم منهم، إذ الفعل تأخر عن وجود الفاعل، بخلاف سلام إبراهيم، فإنه مرتفع بالابتداء، فاقتضى الثبوت على الإطلاق، وهو أولى بما يعرض له الثبوت، فكأنه قصد أن يحييهم بأحسن مما حيوه به، اقتداء بقوله تعالى: * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) *.
وذكروا فيه أوجها أخرى تليق بقاعدة الفلاسفة في تفضيل الملائكة على البشر، وهو أن السلام دعاء بالسلامة من كل نقص، وكمال البشر تدريجي، فناسب الفعل، وكمال الملائكة مقارن لوجودها على الدوام، فكان أحق بالاسم الدال على الثبوت.
قيل: وهو غلط، لأن الفعل المنشأ هو تسليمهم، أما السلام المدعو به فليس في موضوعه تعرض لتدرج، وسلامة أيضا منشأ فعل، ولا يتعرض للتدريج، غير أن سلامة لم يدل بوضعه