وهذا هو الذي منع سيبويه في " أرأيت " و " أرأيتك " ولا يقال: " أرأيتك أبو من أنت "؟ قال: لكن الذي قال سيبويه صحيح، لكن إذا ولى الاستفهام " أرأيت " ولم يكن لها مفعول سوى الجملة.
وأما في هذه المواضع التي في التنزيل فليست الجملة المستفهم عنها هي مفعول " أرأيت "، ولم يكن لها مفعول محذوف يدل عليه الشرط، ولا بد من الشرط بعدها في هذه الصورة، لأن المعنى " أرأيتم صنيعكم إن كان كذا وكذا "؟ كما تقول: " أرأيت إن لقيت العدو أتقاتل أم لا؟ "; تقديره: أرأيت رأيك وصنعك إن لقيت العدو؟ فحذف الشرط وهو " إن " دال على ذلك المحذوف، ومرتبط به، والجملة المستفهم عنها كلام مستأنف منقطع; إلا أن فيها زيادة بيان لما يستفهم عنه، ولو زال الشرط ووليها الاستفهام لقبح، كما قال سيبويه وغيره في " علمت "، وهل " علمت "، وهل " رأيت " وإنما يتجه مع " أرأيت " خاصة، وهي التي دخلها معنى " أخبرني ".
علم العرفانية لا تتعلق إلا بالمعاني; نحو: * (لا تعلمون شيئا) *.
فأما نحو قوله تعالى: * (لا تعلمهم نحن نعلمهم) *، وقوله: * (فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) * فالتقدير " لا تعلم خبرهم نحن نعلم خبرهم "، فليعلمن الله صدق الذين صدقوا وليعلمن الله نفاق المنافقين "، فحذف المضاف.
وذكر ابن مالك أنها تختص باليقين، وذكر غيره أنها تستعمل في الظن أيضا، بدليل قوله: * (فإن علمتموهن مؤمنات) *.
وله أن يقول: العلم على حقيقيته. والمراد بالإيمان التصديق اللساني.