وأما قوله تعالى: * (ولا تطع منهم آثما أو كفورا) *; فليس المراد منه النهى عن إطاعة أحدهما دون الآخر; بل النهى عن طاعتهما مفردين أو مجتمعين، وإنما ذكرت " أو " لئلا يتوهم أن النهى عن طاعة من اجتمع فيه الوصفان.
وقال ابن الحاجب: استشكل قوم وقوع " أو " في النهى في هذه الآية، فإنه لو انتهى عن أحدهما لم يتمثل، ولا يعد ممتثلا; إلا بالانتهاء عنهما جميعا!
فقيل: أنها بمعنى " الواو " والأولى أنها على بابها; إنما جاء التعيين فيها من القرينة، لأن المعنى قبل وجود النهى: " تطيع آثما أو كفورا " أي واحدا منهما; فإذا جاء النهى ورد على ما كان ثابتا في المعنى; فيصير المعنى: " ولا تطع واحدا منهما "، فيجئ التعميم فيهما من جهة النهى الداخل; وهي على بابها فيما ذكرناه، لأنه لا يحصل الانتهاء عن أحدهما حتى ينتهى عنهما; بخلاف الإثبات; فإنه قد يفعل أحدهما دون الآخر.
قال: فهذا معنى دقيق، يعلم منه أن " أو " في الآية على بابها، وأن التعميم لم يجئ منها; وإنما جاء من جهة المضموم إليها. انتهى.
ومن هذا وإن كان خبرا - قوله تعالى: * (من بعد وصية يوصى بها أو دين) *; لأن الميراث لا يكون إلا بعد إنفاذ الوصية والدين; وجد أحدهما أو وجدا معا.
وقال أبو البقاء في،، اللباب،،: إن اتصلت بالنهي وجب اجتناب الأمرين عند النحويين; كقوله تعالى: * (ولا تطع منهم آثما أو كفورا) *، ولو جمع بينهما لفعل المنهى عنه مرتين; لأن كل واحد منهما أحدهما.
وقال في موضع آخر: مذهب سيبويه أن " أو " في النهى نقيضية " أو " في الإباحة;