وقوله: * (كمثل الذي استوقد نارا) *، * (أو كصيب) * والمعنى أن التمثيل مباح في المنافقين إن شبهتموهن بأي النوعين.
قوله: * (لعله يتذكر أو يخشى) * إباحة لإيقاع أحد الأمرين.
الثاني: التخيير، نحو خذ هذا الثوب أو ذاك، ومنه قوله تعالى: * (فإن استطعت أن تبتغى نفقا في الأرض أو سلما في السماء...) * الآية; فتقديره: " فافعل "; كأنه خير على تقدير الاستطاعة أن يختار أحد الأمرين; لأن الجمع بينهما غير ممكن.
والفرق بينهما أن التخيير فيما أصله المنع; ثم يرد الأمر بأحدهما; لا على التعيين، ويمتنع الجمع بينهما. وأما الإباحة فأن يكون كل منهما مباحا ويطلب الإتيان بأحدهما; ولا يمتنع من الجمع بينهما; وإنما يذكر ب " أو " لئلا يوهم بأن الجمع بينهما هو الواجب لو ذكرت الواو; ولهذا مثل النحاة الإباحة بقوله تعالى: * (فكفارته إطعام عشرة مساكين...) * وقوله: * (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) *; لأن المراد به الأمر بأحدهما رفقا بالمكلف; فلو أتى بالجمع لم يمنع منه; بل يكون أفضل.
وأما تمثيل الأصوليين بآيتي الكفارة والفدية للتخيير مع إمكان الجمع; فقد أجاب عنه صاحب،، البسيط،، بأنه إنما قال يمتنع الجمع بينهما في المحظور; لأن أحدهما ينصرف إليه الأمر، والآخر يبقى محظورا لا يجوز له فعله; ولا يمتنع في خصال الكفارة; لأنه يأتي بما عدا الواجب تبرعا; ولا يمنع من التبرع.
* * * واعلم أنه إذا ورد النهى عن الإباحة جاز عن صرفه إلى مجموعهما; وهو ما كان يجوز فعله; أو إلى أحدهما وهو ما تقتضيه " أو ".