يقوله فيه ففكر وقدر ونظر وعبس وبسر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر قال الله تعالى (سأصليه سقر) أي سأغمره فيها من جميع جهاته. ثم قال تعالى (وما أدراك ما سقر) وهذا تهويل لأمرها وتفخيم ثم فسر ذلك بقوله تعالى (لا تبقى ولا تذر) أي تأكل لحومهم وعروقهم وعصبهم وجلودهم ثم تبدل غير ذلك وهم في ذلك لا يموتون ولا يحيون قاله ابن بريدة وأبو سنان وغيرهما.
وقوله تعالى (لواحة للبشر) قال مجاهد أي للجلد. وقال أبو رزين: تلفح الجلد لفحة فتدعه أسود من الليل وقال زيد بن أسلم: تلوح أجسادهم عليها. وقال قتادة " لواحة للبشر " أي حراقة للجلد وقال ابن عباس:
تحرق بشرة الانسان. وقوله تعالى (عليها تسعة عشر) أي من مقدمي الزبانية عظيم خلقهم غليظ خلقهم وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا ابن أبي زائدة أخبرني حارث عن عامر عن البراء في قوله تعالى " عليها تسعة عشر " قال إن رهطا من اليهود سألوا رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم فقال الله ورسوله أعلم فجاء رجل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى عليه ساعتئذ " عليها تسعة عشر " فأخبر أصحابه وقال " ادعهم أما إني سائلهم عن تربة الجنة إن أتوني أما إنها درمكة بيضاء " فجاءوه فسألوه عن خزنة جهنم فأهوي بأصابع كفيه مرتين وأمسك الابهام في الثانية ثم قال " أخبروني عن تربة الجنة " فقالوا أخبرهم يا ابن سلام فقال كأنها خبزة بيضاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما إن الخبز إنما يكون من الدرمك " هكذا وقع عند ابن أبي حاتم عن البراء والمشهور عن جابر بن عبد الله كما قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده حدثنا منده حدثنا أحمد بن عبيدة أخبرنا سفيان ويحيى بن حكيم حدثنا سفيان عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد غلب أصحابك اليوم فقال " بأي شئ " قال سألتهم يهود هل أعلمكم نبيكم عدة خزنة أهل النار؟ قالوا لا نعلم حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفغلب قوم يسئلون عما لا يعلمون فقالوا لا نعلم حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وسلم؟ علي بأعداء الله لكنهم قد سألوا نبيهم أن يريهم الله جهرة " فأرسل إليهم فدعاهم قالوا يا أبا القاسم كم عدة خزنة أهل النار؟ قال " هكذا " وطبق كفيه ثم طبق كفيه مرتين وعقد واحدة وقال لأصحابه " إن سئلتم عن تربة الجنة فهي الدرمك " فلما سألوه فأخبرهم بعدة خزنة أهل النار قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما تربة الجنة " فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا خبزة يا أبا القاسم فقال " الخبز من الدرمك " وهكذا رواه الترمذي عند هذه الآية عن ابن أبي عمر عن سفيان به وقال هو والبزار لا يعرف إلا من حديث مجالد وقد رواه الإمام أحمد عن علي بن المديني عن سفيان بنقص الدرمك فقط.
وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر (31) كلا والقمر (32) والليل إذا أدبر (33) والصبح إذا أسفر (34) إنها لاحدى الكبر (35) نذيرا للبشر (36) لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر (37) يقول تعالى " وما جعلنا أصحاب النار " أي خزانها " إلا ملائكة " أي زبانية غلاظا شدادا وذلك رد على مشركي قريش حين ذكروا عدد الخزنة فقال أبو جهل يا معشر قريش أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم