بمدح الأول دون الآخر فيتوهم متوهم ذمه فلهذا عطف بمدح الآخر والثناء عليه مع تفضيل الأول عليه لهذا قال تعالى " والله بما تعملون خبير " أي فلخبرته فاوت بين ثواب من أنفق من قبل الفتح وقاتل ومن فعل ذلك بعد ذلك وما ذاك إلا لعلمه بقصد الأول وإخلاصه التام وإنفاقه في حال الجهد والقلة والضيق وفي الحديث " سبق درهم مائه ألف " ولا شك عند أهل الايمان أن الصديق أبا بكر رضي الله عنه له الحظ الأوفر من هذه الآية فإنه سيد من عمل بها من سائر أمم الأنبياء فإنه أنفق ماله كله ابتغاء وجه الله عز وجل ولم يكن لاحد عنده نعمة يجزيه بها. وقد قال أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي عند تفسير هذه الآية أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد أخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيوب أخبرنا محمد بن يونس حدثنا العلاء بن عمرو الشيباني حدثنا أبو إسحاق الفزاري حدثنا سفيان بن سعيد عن آدم بن علي عن ابن عمر قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر الصديق وعليه عباءة قد خلها في صدره بخلال فنزل جبريل فقال مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال؟ فقال " أنفق ماله علي قبل الفتح " قال فإن الله يقول اقرأ عليه السلام وقل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أبا بكر إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه أسخط على ربي عز وجل؟ إني عن ربي راض " هذا الحديث ضعيف الاسناد من هذا الوجه والله أعلم. وقوله تعالى " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " قال عمر بن الخطاب هو الانفاق في سبيل الله. وقيل هو النفقة على العيال والصحيح أنه أعم من ذلك فكل من أنفق في سبيل الله بنية خالصة وعزيمة صادقة دخل في عموم هذه الآية ولهذا قال تعالى " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له " كما قال في الآية الأخرى " أضعافا كثيرة " " وله أجر كريم " أي جزاء جميل ورزق باهر وهو الجنة يوم القيامة قال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له " قال أبو الدحداح الأنصاري يا رسول الله وإن الله ليريد منا القرض؟ " قال نعم يا أبا الدحداح " قال أرني يدك يا رسول الله قال فناوله يده قال فإني قد أقرضت ربى حائطي وله حائط فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها قال فجاء أبو الدحداح فناداها يا أم الدحداح قالت لبيك قال اخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل، وفي رواية أنها قالت له ربح بيعك يا أبا الدحداح ونقلت منه متاعها وصبيانها وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح - وفي لفظ - رب نخلة مدلاة عروقها در وياقوت لأبي الدحداح في الجنة ".
يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم (12) يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب (13) ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور (14) فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير (15)