تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٤٤٩
يتساءلون " وكقوله تعالى " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " وقوله تعالى " يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا " أي لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض وبأعز ما يجده من المال ولو بملء ء الأرض ذهبا أو من ولده الذي كان في الدنيا حشاشة كبده يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به ولا يقبل منه قال مجاهد والسدي " فصيلته " قبيلته وعشيرته وقال عكرمة فخذه الذي هو منهم وقال أشهب عن مالك فصيلته أمه وقوله تعالى (إنها لظى) يصف النار وشدة حرها (نزاعة للشوى) قال ابن عباس ومجاهد جلدة الرأس وقال العوفي عن ابن عباس " نزاعة للشوى " الجلود والهام: وقال مجاهد ما دون العظم من اللحم وقال سعيد بن جبير للعصب والعقب وقال أبو صالح " نزاعة للشوى " يعني أطراف اليدين والرجلين وقال أيضا " نزاعة للشوى " لحم الساقين وقال الحسن البصري وثابت البناني " نزاعة للشوى " أي مكارم وجهه وقال الحسن أيضا تحرق كل شئ فيه ويبقى فؤاده يصيح وقال قتادة " نزاعة للشوى " أي نزاعة لهامته ومكارم وجهه وخلقه وأطرافه. وقال الضحاك تبري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئا وقال ابن زيد الشوى الآراب العظام فقوله نزاعة قال تقطع عظامهم ثم تبدل جلودهم وخلقهم وقوله تعالى (تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى) أي تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها وقدر لهم أنهم في الدار الدنيا يعملون عملها فتدعوهم يوم القيامة بلسان طلق ذلق ثم تلتقطهم من بين أهل المحشر كما يلتقط الطير الحب وذلك أنهم كما قال الله عز وجل كانوا ممن أدبر وتولى أي كذب بقلبه وترك العمل بجوارحه (وجمع فأوعى) أي جمع المال بعضه على بعض فأوعاه أي أوكاه ومنع حق الله منه من الواجب عليه في النفقات ومن إخراج الزكاة. وقد ورد في الحديث " لا توعي فيوعي الله عليك " وكان عبد الله بن عكيم لا يربط له كيسا ويقول سمعت الله يقول " وجمع فأوعى " وقال الحسن البصري يا ابن آدم سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا وقال قتادة في قوله وجمع فأوعى قال كان جموعا قموما للخبيث.
* إن الانسان خلق هلوعا (19) إذا مسه الشر جزوعا (20) وإذا مسه الخير منوعا (21) إلا المصلين (22) الذين هم على صلاتهم دائمون (23) والذين في أموالهم حق معلوم (24) للسائل والمحروم (25) والذين يصدقون بيوم الدين (26) والذين هم من عذاب ربهم مشفقون (27) إن عذاب ربهم غير مأمون (28) والذين هم لفروجهم حافظون (29) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (30) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون (31) والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون (32) والذين هم بشهادتهم قائمون (33) والذين هم على صلاتهم يحافظون (34) أولئك في جنات مكرمون (35) يقول تعالى مخبرا عن الانسان وما هو مجبول عليه من الأخلاق الدنيئة " إن الانسان خلق هلوعا " ثم فسره بقوله (إذا مسه الشر جزوعا) أي إذا اصابه الضر فزع وجزع وانخلع قلبه من شدة الرعب وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير (وإذا مسه الخير منوعا) أي إذا حصلت له نعمة من الله بخل بها على غيره ومنع حق الله تعالى فيها.
وقال الإمام أحمد حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا موسى بن علي بن رباح سمعت أبي يحدث عن عبد العزيز بن مروان بن الحكم قال سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع " رواه أبو داود عن عبد الله بن الجراح عن أبي عبد الرحمن المقري به وليس لعبد العزيز عنده سواه ثم قال تعالى (إلا
(٤٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615