يتساءلون " وكقوله تعالى " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " وقوله تعالى " يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا " أي لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض وبأعز ما يجده من المال ولو بملء ء الأرض ذهبا أو من ولده الذي كان في الدنيا حشاشة كبده يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به ولا يقبل منه قال مجاهد والسدي " فصيلته " قبيلته وعشيرته وقال عكرمة فخذه الذي هو منهم وقال أشهب عن مالك فصيلته أمه وقوله تعالى (إنها لظى) يصف النار وشدة حرها (نزاعة للشوى) قال ابن عباس ومجاهد جلدة الرأس وقال العوفي عن ابن عباس " نزاعة للشوى " الجلود والهام: وقال مجاهد ما دون العظم من اللحم وقال سعيد بن جبير للعصب والعقب وقال أبو صالح " نزاعة للشوى " يعني أطراف اليدين والرجلين وقال أيضا " نزاعة للشوى " لحم الساقين وقال الحسن البصري وثابت البناني " نزاعة للشوى " أي مكارم وجهه وقال الحسن أيضا تحرق كل شئ فيه ويبقى فؤاده يصيح وقال قتادة " نزاعة للشوى " أي نزاعة لهامته ومكارم وجهه وخلقه وأطرافه. وقال الضحاك تبري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئا وقال ابن زيد الشوى الآراب العظام فقوله نزاعة قال تقطع عظامهم ثم تبدل جلودهم وخلقهم وقوله تعالى (تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى) أي تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها وقدر لهم أنهم في الدار الدنيا يعملون عملها فتدعوهم يوم القيامة بلسان طلق ذلق ثم تلتقطهم من بين أهل المحشر كما يلتقط الطير الحب وذلك أنهم كما قال الله عز وجل كانوا ممن أدبر وتولى أي كذب بقلبه وترك العمل بجوارحه (وجمع فأوعى) أي جمع المال بعضه على بعض فأوعاه أي أوكاه ومنع حق الله منه من الواجب عليه في النفقات ومن إخراج الزكاة. وقد ورد في الحديث " لا توعي فيوعي الله عليك " وكان عبد الله بن عكيم لا يربط له كيسا ويقول سمعت الله يقول " وجمع فأوعى " وقال الحسن البصري يا ابن آدم سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا وقال قتادة في قوله وجمع فأوعى قال كان جموعا قموما للخبيث.
* إن الانسان خلق هلوعا (19) إذا مسه الشر جزوعا (20) وإذا مسه الخير منوعا (21) إلا المصلين (22) الذين هم على صلاتهم دائمون (23) والذين في أموالهم حق معلوم (24) للسائل والمحروم (25) والذين يصدقون بيوم الدين (26) والذين هم من عذاب ربهم مشفقون (27) إن عذاب ربهم غير مأمون (28) والذين هم لفروجهم حافظون (29) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (30) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون (31) والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون (32) والذين هم بشهادتهم قائمون (33) والذين هم على صلاتهم يحافظون (34) أولئك في جنات مكرمون (35) يقول تعالى مخبرا عن الانسان وما هو مجبول عليه من الأخلاق الدنيئة " إن الانسان خلق هلوعا " ثم فسره بقوله (إذا مسه الشر جزوعا) أي إذا اصابه الضر فزع وجزع وانخلع قلبه من شدة الرعب وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير (وإذا مسه الخير منوعا) أي إذا حصلت له نعمة من الله بخل بها على غيره ومنع حق الله تعالى فيها.
وقال الإمام أحمد حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا موسى بن علي بن رباح سمعت أبي يحدث عن عبد العزيز بن مروان بن الحكم قال سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع " رواه أبو داود عن عبد الله بن الجراح عن أبي عبد الرحمن المقري به وليس لعبد العزيز عنده سواه ثم قال تعالى (إلا