من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم (7) يخبر تعالى عمن شاقوا الله ورسوله وعاندوا شرعه " كبتوا كما كبت الذين من قبلهم " أي أهينوا ولعنوا وأخزوا كما فعل بمن أشبههم ممن قبلهم " وقد أنزلنا آيات بينات " أي واضحات لا يعاندها ولا يخالفها إلا كافر فاجر مكابر " وللكافرين عذاب مهين " أي في مقابلة ما استكبروا عن اتباع شرع الله والانقياد له والخضوع لديه.
ثم قال الله تعالى " يوم يبعثهم الله جميعا " وذلك يوم القيامة يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد " فينبئهم بما عملوا " أي فيخبرهم بالذي صنعوا من خير وشر " أحصاه الله ونسوه " أي ضبطه الله وحفظه عليهم وهم قد نسوا ما كانوا عملوا " والله على كل شئ شهيد " أي لا يغيب عنه شئ ولا يخفى ولا ينسى شيئا، ثم قال تعالى مخبرا عن إحاطة علمه بخلقه واطلاعه عليهم وسماعه كلامهم ورؤيته مكانهم حيث كانوا وأين كانوا فقال تعالى " ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة " أي من سر ثلاثة " إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا " أي مطلع عليهم يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم ورسله أيضا مع ذلك تكتب ما يتناجون به مع علم الله وسمعه له كما قال تعالى " ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب " وقال تعالى " أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون " ولهذا حكى غير واحد الاجماع على أن المراد بهذه الآية معية علمه تعالى ولا شك في إرادة ذلك ولكن سمعه أيضا مع علمه بهم وبصره نافذ فيهم فهو سبحانه وتعالى مطلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم شئ ثم قال تعالى " ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم " وقال الإمام أحمد: افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم.
ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالاثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير (8) يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالاثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون (9) إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون (10) قال ابن أبي نجيح عن مجاهد " ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه " قال اليهود وكذا قال مقاتل بن حيان وزاد كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود موادعة وكانوا إذا مر بهم الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم فترك طريقه عليهم فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى فأنزل الله تعالى " ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ". وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثني سفيان بن حمزة عن كثير عن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده قال: كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت عنده يطرقه من الليل أمر وتبدو له حاجة فلما كانت ذات ليلة كثر أهل النوب والمحتسبون حتى كنا أندية فتحدث فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " ما هذه النجوى؟ ألم تنهوا عن