فظاهر منها فأسقط في يديه وقال ما أراك إلا قد حرمت علي وقالت له مثل ذلك قال فانطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا خويلة أبشري " قالت خيرا قال فقرأ عليها " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركما - إلى قوله تعالى - والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا " قالت وأي رقبة لنا والله ما يجد رقبة غيري قال " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين " قالت والله لولا أنه يشرب في اليوم ثلاث مرات لذهب بصره قال " فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا " قالت من أين ما هي إلا أكلة إلي مثلها قال فدعا بشطر وسق ثلاثين صاعا والوسق ستون صاعا فقال:
ليطعم ستين مسكينا وليراجعك. وهذا إسناد جيد قوى وسياق غريب وقد روي عن أبي العالية نحو هذا.
وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عبد الرحمن الهروي حدثنا علي بن العاصم عن داود بن أبي هند عن أبي العالية قال: كانت خولة بنت دليج تحت رجل من الأنصار وكان ضرير البصر فقيرا سئ الخلق وكان طلاق أهل الجاهلية إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته قال أنت علي كظهر أمي وكان لها منه عيل أو عيلان فنازعته يوما في شئ فقال أنت علي كظهر أمي فاحتملت عليها ثيابها حتى دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة وعائشة تغسل شق رأسه فقدمت عليه ومعها عيلها فقالت يا رسول الله إن زوجي ضرير البصر فقير لا شئ له سئ الخلق وإني نازعته في شئ فغضب فقال أنت علي كظهر أمي ولم يرد به الطلاق ولي منه عيل أو عيلان فقال " ما أعلمك إلا قد حرمت عليه " فقالت أشكو إلى الله ما نزل بي وأبا صبيتي قالت ودارت عائشة فغسلت شق رأسه الآخر فدارت معها فقالت يا رسول الله زوجي ضرير البصر فقير سئ الخلق وإن لي منه عيلا أو عيلين وإني نازعته في شئ فغضب وقال أنت علي كظهر أمي ولم يرد به الطلاق قالت فرفع إلي رأسه وقال " ما أعلمك إلا قد حرمت عليه " فقالت أشكو إلى الله ما نزل بي وأبا صبيتي ورأت عائشة وجه النبي صلى الله عليه وسلم تغير فقالت لها وراءك وراءك فتنحت فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم في غشيانه ذلك ما شاء الله فلما انقطع الوحي قال يا عائشة أين المرأة فدعتها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " اذهبي فأتيني بزوجك " فانطلقت تسعى فجاءت به فإذا هو كما قالت ضرير البصر فقير سئ الخلق فقال النبي صلى الله عليه وسلم أستعيذ بالله السميع العليم " بسم الله الرحمن الرحيم قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها - إلى قوله - والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا " " قال النبي صلى الله عليه وسلم " أتجد رقبة تعتقها من قبل أن تمسها؟ " قال لا قال " أفتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ " قال والذي بعثك بالحق إني إذا لم آكل المرتين والثلاث يكاد أن يعشو بصري " قال أفتستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟ " قال لا إلا أن تعينني قال فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " أطعم ستين مسكينا " قال وحول الله الطلاق فجعله ظهارا ورواه ابن جرير عن ابن المثنى عن عبد الاعلى عن داود سمعت أبا العالية فذكر نحوه بأخصر من هذا السياق وقال سعيد بن جبير كان الايلاء والظهار من طلاق الجاهلية فوقت الله الايلاء أربعة أشهر وجعل في الظهار الكفارة رواه ابن أبي حاتم بنحوه وقد استدل الامام مالك على أن الكافر لا يدخل في هذه الآية بقوله منكم فالخطاب للمؤمنين وأجاب الجمهور بأن هذا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له واستدل الجمهور عليه بقوله " من نسائهم " على أن الأمة لاظهار منها ولا تدخل في هذا الخطاب وقوله تعالى " ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم " أي لا تصير المرأة بقول الرجل أنت علي كأمي أو مثل أمي أو كظهر أمي وما أشبه ذلك لا تصير أمه بذلك إنما أمه التي ولدته ولهذا قال تعالى " وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا " أي كلاما فاحشا باطلا " وإن الله لعفو غفور " أي عما كان منكم في حال الجاهلية وهكذا أيضا عما خرج من سبق اللسان ولم يقصد إليه المتكلم كما رواه أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لامرأته يا أختي فقال " أختك هي؟ " فهذا إنكار ولكن لم يحرمها عليه بمجرد ذلك لأنه لم يقصده ولو قصده لحرمت عليه لأنه لا فرق على الصحيح بين الام وبين غيرها من سائر المحارم من أخت وعمة وخالة وما أشبه ذلك.