الزهري وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركها ومسلمها لا يخفون على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كان بمكة فقالوا وإن كان إنما جاء لذلك فوالله لا يدخلها أبدا علينا عنوة ولا يتحدث بذلك العرب ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص أحد بني عامر بن لؤي فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " هذا رجل غادر " فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو مما تكلم به مع أصحابه ثم رجع إلى قريش فأخبرهم بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثوا إليه الحليس بن علقمة الكناني وهو يومئذ سيد الأحابيش فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدي " فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل أو باره من طول الحبس عن محله رجع ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إعظاما لما رأى فقال يا معشر قريش لقد رأيت مالا يحل صد الهدي في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله قالوا اجلس إنما أنت أعرابي لا علم لك فبعثوا إليه عروة بن مسعود الثقفي فقال يا معشر قريش إني قد رأيت ما يلقى منكم من تبعثون إلى محمد إذا جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ وقد عرفتم أنكم إلى والد وأنا ولد وقد سمعت بالذي نابكم فجمعت من أطاعني من قومي ثم جئت حتى آسيتكم بنفسي قالوا صدقت ما أنت عندنا بمتهم فخرج حتى أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس بين يديه فقال يا محمد جمعت أوباش الناس ثم جئت بهم لبيضتك لنقضها إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله تعالى أن لا تدخلها عليهم عنوة أبدا وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا قال وأبو بكر رضي الله عنه قاعد خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال امصص بظر اللات أنحن ننكشف عنه؟ قال من هذا يا محمد؟ قال صلى الله عليه وسلم " هذا ابن أبي قحافة " قال أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها ولكن هذه بها ثم تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديد قال فقرع يده ثم قال أمسك يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل والله أن لا تصل إليك قال ويحك ما أفظك وأغلظك فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من هذا يا محمد؟ قال صلى الله عليه وسلم " هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة " قال أغدر وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس؟ قال فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما كلم به أصحابه وأخبره أنه لم يأت يريد حربا قال فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ وضوءا إلا ابتدروه ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه ولا يسقط من شعره شئ إلا أخذوه فرجع إلى قريش فقال يا معشر قريش إني جئت كسرى في ملكه وجئت قيصر والنجاشي في ملكهما والله ما رأيت ملكا قط مثل محمد صلى الله عليه وسلم في أصحابه ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشئ أبدا فروا رأيكم. قال وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك بعث خراش بن أمية الخزاعي إلى مكة وحمله على جمل له يقال له الثعلب فلما دخل مكة عقرت به قريش وأرادوا قتل خراش فمنعتهم الأحابيش حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عمر رضي الله عنه ليبعثه إلى مكة فقال يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي وليس بها من بني عدي أحد يمنعني وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها ولكن أدلك على رجل هو أعز مني بها عثمان بن عفان رضي الله عنه قال فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثه يخبرهم أنه لم يأت لحرب أحد وإنما جاء زائرا لهذا البيت معظما لحرمته فخرج عثمان رضي الله عنه حتى أتى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص فنزل عن دابته وحمله بين يديه أردفه خلفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان رضي الله عنه حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به فقالوا لعثمان رضي الله عنه إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به فقال ما كنت لافعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال واحتبسته قريش عندها قال وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان رضي الله عنه قد قتل. قال محمد فحدثني الزهري أن قريشا بعثوا سهيل بن عمرو وقالوا إئت محمدا فصالحه ولا تلن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا فوالله لا تحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا فأتاه سهيل بن عمرو فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل " فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلما وأطالا الكلام وتراجعا حتى جرى بينهما الصلح فلما التأم الامر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأتى أبا بكر رضي الله عنه فقال يا أبا بكر أوليس
(٢١٠)