منهم أحد قال ابن زيد إلا أبا دجانة سماك بن خرشة كما هو مقرر في موضعه ثم رجع إلى المدينة فلما كان في ذي القعدة من سنة سبع خرج صلى الله عليه وسلم إلى مكة معتمرا هو وأهل الحديبية فأحرم من ذي الحليفة وساق معه الهدي قيل كان ستين بدنة فلبى وسار أصحابه يلبون فلما كان صلى الله عليه وسلم قريبا من مر الظهران بعث محمد بن سلمة بالخيل والسلاح أمامه فلما رآه المشركون رعبوا رعبا شديدا وظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزوهم وأنه قد نكث العهد الذي بينهم وبينه من وضع القتال عشر سنين فذهبوا فأخبروا أهل مكة فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل بمر الظهران حيث ينظر إلى أنصاب الحرم بعث السلاح من القسي والنبل والرماح إلى بطن يأجج وسار إلى مكة بالسيوف مغمدة في قربها كما شارطهم عليه فلما كان في أثناء الطريق بعثت قريش مكرز بن حفص فقال يا محمد ما عرفناك تنقض العهد فقال صلى الله عليه وسلم " وما ذاك؟ " قال دخلت علينا بالسلاح والقسي والرماح فقال صلى الله عليه وسلم " لم يكن ذلك وقد بعثنا به إلى يأجج؟ " فقال بهذا عرفناك بالبر والوفاء وخرجت رؤوس الكفار من مكة لئلا ينظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أصحابه رضي الله عنهم غيظا وحنقا وأما بقية أهل مكة من الرجال والنساء والوالدان فجلسوا في الطرق وعلى البيوت ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فدخلها عليه الصلاة والسلام وبين يديه أصحابه يلبون والهدي قد بعثه إلى ذي طوى وهو راكب ناقته القصواء التي كان راكبها يوم الحديبية وعبد الله بن رواحة الأنصاري آخذ بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقودها وهو يقول:
باسم الذي لا دين إلا دينه * باسم الذي محمد رسوله خلوا بني الكفار عن سبيله * اليوم نضربكم على تأويله كما ضربناكم على تنزيله * ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله * قد أنزل الرحمن في تنزيله في صحف تتلى على رسوله * بأن خير القتل في سبيله يا رب إني مؤمن بقيله فهذا مجموع من روايات متفرقة قال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء دخلها وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه آخذ بخطام ناقته صلى الله عليه وسلم وهو يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله * إني شهيد أنه رسوله خلوا فكل الخير في رسوله * يا رب إني مؤمن بقيله نحن قتلناكم على تأويله * كما قتلناكم على تنزيله ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله وقال عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء مشى عبد الله بن رواحة رضي الله عنه بين يديه وفي رواية وابن رواحة آخذ بغرزه وهو رضي الله عنه يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله * قد نزل الرحمن في تنزيله بأن خير القتل في سبيله * يا رب إني مؤمن بقيله نحن قتلناكم على تأويله * كما قتلناكم على تنزيله اليوم نضربكم على تأويله * ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله